فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ} (5)

{ أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا } يقال : ضربت عنه وأضربت عنه إذا تركته وأمسكت عنه ، كذا قال الفراء والزجاج وغيرهما ، وانتصاب صفحا على المصدرية أو على الحال أي صافحين ، والصفح مصدر قولهم : صفحت عنه إذا أعرضت عنه ، وذلك أنك توليه صفحة وجهك وعنقك ، والمراد بالذكر هنا القرآن ، والاستفهام للإنكار والتوبيخ قال الكسائي :

المعنى أفنضرب عنكم الذكر طيا فلا توعظون ولا تؤمرون . وقال مجاهد وأبو صالح والسدي أفنضرب عنكم العذاب ولا نعاقبكم على إسرافكم وكفركم ؟ وقال قتادة المعنى أفنهلككم ولا نأمركم ولا ننهاكم ، وروي عنه أنه قال : المعنى أفنمسك عن إنزال القرآن من قبل ، أنكم لا تؤمنون به ، وقيل : الذكر التذكير كأنه قال أنترك تذكيركم .

{ أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ } قرئ إن بالكسر على أنها الشرطية والجزاء محذوف لدلالة ما قبله عليه وبفتحها على التعليل ، أي لأن كنتم قوما منهمكين في الإسراف مصرين عليه مفرطين في الجهالة مجاوزين الحد في الضلالة ، قال ابن عباس في الآية أحببتم أن نصفح عنكم ولم تفعلوا ما أمرتم به ،