فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَتَرَىٰهُمۡ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا خَٰشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرۡفٍ خَفِيّٖۗ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَآ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِي عَذَابٖ مُّقِيمٖ} (45)

{ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } أي على النار { خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ } أي ساكنين متواضعين من أجله { يَنْظُرُونَ } إليها { مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ } أي ذليل ، قاله ابن عباس ، ومن هي لابتداء الغاية ، أي يبتدئ نظرهم إلى النار ، ويجوز أن تكون تبعيضية ، وقال يونس : من بمعنى الباء ، أي ينظرون بطرف ضعيف من الذل والخوف ، وبه قال الأخفش ، والطرف الخفي الذي يخفي نظره كالمصبور ينظر إلى السيف لما لحقهم من الذل والخوف والوجل قال مجاهد : وإنما ينظرون بقلوبهم لأنهم يحشرون عميا وعين القلب طرف خفي وقال قتادة وسعيد بن جبير والسدي ومحمد بن كعب القرظي : يسارقون النظر إلى النار من شدة الخوف .

{ وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ } أي إن الكاملين في الخسران هم هؤلاء الذين جمعوا بين خسران الأنفس والأهلين بتخليدهم في النار { يَوْمَ الْقِيَامَةِ } إما ظرف لخسروا فالقول في الدنيا أو لقال فالقول في القيامة ، ويكون التعبير عنه بالماضي للدلالة على تحقق وقوعه قاله أبو السعود وأما خسرانهم لأنفسهم فلكونهم صاروا في النار معذبين بها ، وأما خسرانهم لأهليهم فلأنهم إن كانوا معهم في النار فلا ينتفعون بهم وإن كانوا في الجنة فقد حيل بينهم وبينهم ، وقيل خسران الأهل أنهم لو آمنوا لكان لهم في الجنة أهل من الحور العين .

{ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ } هذا من تمام كلام المؤمنين ، أو من كلام الله سبحانه أي هم في عذاب دائم لا ينقطع