{ وَكَذَلِكَ } أي كالوحي الذي أوحينا إلى الأنبياء قبلك { أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا } المراد به القرآن قاله ابن عباس ، وقيل النبوة ، قال مقاتل يعني الوحي بأمرنا ومعناه القرآن لأنه يهتدي به ففيه حياة من موت الكفر ، وقيل : من تبعيضية لأن الموحى إليه لا ينحصر في القرآن ، وقيل : المراد به الرحمة ، وقيل جبريل ، ثم ذكر سبحانه صفة رسوله قبل أو يوحي إليه فقال :
{ مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ } أي : أيّ شيء هو لأنه صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يقرأ ولا يكتب ، وذلك أدخل في الإعجاز ، وأدل على صحة نبوته ، ومعنى { وَلَا الْإِيمَانُ } أنه كان صلى الله عليه وسلم لا يعرف تفاصيل الشرائع ومعالمها ، ولا يهتدي على معانيها ، كالصلاة والصوم والزكاة والختان وإيقاع الطلاق والغسل من الجنابة ، وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والصهر ، وهذا هو الحق وخص الإيمان لأنه رأسها وأساسها ، وقيل أراد بالإيمان هنا الصلاة ، قال بهذا جماعة من أهل العلم ، منهم إمام الأئمة محمد بن إسحق بن خزيمة واحتج بقوله تعالى :
{ وما كان اللّهُ لِيُضِيع إِيمانكُمْ } يعني الصلاة ، فسماها إيمانا ، وذهب جماعة إلى أن الله لم يبعث نبيا إلا وقد كان مؤمنا به ، وقالوا معنى الآية ما كنت تدري قبل الوحي كيف تقرأ القرآن ؟ ولا كيف تدعو الخلق إلى الإيمان ؟ وقيل كان هذا قبل البلوغ حين كان طفلا وفي المهد .
وقال الحسين بن الفضل إنه على حذف المضاف ، أي ولا أهل الإيمان ، وقيل المراد بالإيمان ، دين الإسلام ، وقيل الإيمان هنا عبارة عن الإقرار بكل ما كلف الله به العباد ، وقال الكواشي ويجوز أن يراد بالإيمان نفس الكتاب وهو القرآن وعطف عليه لاختلاف لفظيهما أي ما كنت تعرف القرآن وما فيه من الأحكام ، ويدل على هذا التأويل توحيد الضمير في جعلناه ، وقيل المراد بالإيمان الكلمة التي بها دعوة الإيمان والتوحيد ، وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله ، والإيمان بهذا التفسير إنما علمه بالوحي لا بالعقل ، قاله الكرخي .
وعن علي قال : ( قيل لمحمد صلى الله عليه وسلم هل عبدت وثنا قط ؟ قال : لا قالوا فهل شربت خمرا قط ؟ قال : لا ، وما زلت أعرف أن الذي هم عليه كفر ، وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان ؟ وبذلك نزل القرآن ) . { مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ } {[1473]}
{ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا } أي جعلنا الروح الذي أوحيناه إليك ضياء ودليلا على التوحيد والإيمان { نَهْدِي بِهِ } المراد به الهداية الموصلة بدليل قوله { مَنْ نَشَاءُ } هدايته { مِنْ عِبَادِنَا } ونرشده إلى الدين الحق { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي } أي كل مكلف فالهداية فيه أعم من التي قبلها قرأ الجمهور لتهدي على البناء للفاعل وقرئ على البناء للمفعول ، وقرئ بضم التاء وكسر الدال من أهدى ، وفي قراءة أبيّ وإنك لتدعو { إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } قال قتادة والسدي ومقاتل : وإنك لتدعو إلى الإسلام فهو الصراط المستقيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.