فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَا يَسۡتَوِيٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۚ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (20)

{ لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة } في الفضل والرتبة والمراد الفريقان على العموم فيدخل في فريق أهل النار من نسي الله منهم دخولا أوليا ويدخل في فريق أهل الجنة الذين اتقوا دخولا أوليا لأن السياق فيهم ، وقد تقدم الكلام في معنى مثل هذه الآية في سورة المائدة وفي سورة السجدة وفي سورة ص وفيه مزيد الترغيب فيما يزلفهم إلى الله ويدخلهم دار كرامته ويجعلهم من أصحابها ومن ثم دق ولطف استدلال الشافعية بهذه الآية على أن المسلم لا يقتل بالكافر ، وأن الكافر لا يملك مال المسلم بالاستيلاء ، وحسن كلام القاضي حيث قال : لا يستوي الذين استكملوا نفوسهم فاستأهلوا الجنة ، والذين استمهنوا نفوسهم أي استعملوها في المهنة والشهوات ، فاستحقوا النار ، قاله الكرخي .

ثم أخبر سبحانه وتعالى عن أصحاب الجنة ، بعد نفي التساوي بينهم وبين أهل النار ، فقال :{ أصحاب الجنة هم الفائزون } أي الظافرون بكل مطلوب ، الناجون من كل مكروه ، وفي الآية تنبيه للناس وإيذان بأنهم لفرط غفلتهم ، وقلة فكرهم في العاقبة ، وتهالكهم على إيثار العاجلة ، وإتباع الشهوات ، كأنهم لا يعرفون الفرق بين الجنة والنار والبون العظيم بين أصحابها ، وأن الفوز العظيم مع أصحاب الجنة ، والعذاب الأليم مع أصحاب النار فمن حقهم أن يعلموا ذلك وينبهوا عليه .