اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَا يَسۡتَوِيٓ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۚ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (20)

قوله تعالى : { لاَ يستوي أَصْحَابُ النار وَأَصْحَابُ الجنة } أي : في الفضل والرتبة{[56073]} ، لما أرشد المؤمنين إلى ما هو مصلحتهم يوم القيامة{[56074]} ، بقوله : { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } وهدّد الكافرين بقوله : { كالذين نَسُواْ الله فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } بين بهذه الآية الفرق بين الفريقين . واعلم أن الفرق بينهما معلوم بالضرورة ، وإنما ذكر الفرق في هذا الموضع للتنبيه على عظم ذلك الفرق{[56075]} ، ثم [ قال : { أَصْحَابُ الجنة هُمُ الفائزون } . وهذا كالتفسير لنفي تساويهما ، و«هم » يجوز أن يكون فصلاً ، وأن يكون مبتدأ ، فعلى الأول : الإخبار بمفرد ، وعلى الثاني : بجملة{[56076]} .

ومعنى «الفَائِزُونَ » المقربون المكرمون{[56077]} ، وقيل : الناجون من النار ، ونظير هذه الآية قوله : { لاَّ يَسْتَوِي الخبيث والطيب } [ المائدة : 100 ] ، وقوله : { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ } [ السجدة : 18 ] ، وقوله : { أَمْ نَجْعَلُ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات كالمفسدين فِي الأرض أَمْ نَجْعَلُ المتقين كالفجّار ] } {[56078]} [ ص : 28 ] .

فصل :

احتجّت المعتزلة بهذه الآية على أن صاحب الكبيرة لا يدخل الجنة بهذه الآية{[56079]} ، قالوا : لأن الآية دلت على أن أصحاب النار وأصحاب الجنة لا يستويان ، [ فلو دخل صاحب الكبيرة الجنة لكان أصحاب الجنة وأصحاب النار يستويان ] {[56080]} ، وهو غير جائز وجوابه معلوم .

فصل في أن المسلم لا يقتل بالذمي :

دلت هذه الآية على أن المسلم لا يقتلُ بالذمي كما هو مذكور في كتب الفقه{[56081]} .


[56073]:ينظر القرطبي 18/30.
[56074]:ينظر الفخر الرازي 29/153.
[56075]:ينظر: السابق 29/254.
[56076]:ينظر: الدر المصون 6/299.
[56077]:ينظر: القرطبي 18/30.
[56078]:سقط من: أ.
[56079]:ينظر: الفخر الرازي 29/254.
[56080]:سقط من: أ.
[56081]:لا يجوز قتل مسلم بكافر وهو مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي والثوري وابن شبرمة والشافعي ومالك وأحمد وأبي ثور. واحتج هؤلاء بما أخرجه البخاري في كتاب الديات، باب: العاقلة 12/256 (693)، عن أبي جحيفة أنه قال: سألت عليا هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ فقال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهماً يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة. قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر. عمدة القارئ 19/349، فتح الباري 12/272، روضة الطالبين 9/150.