{ يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم } أي يوم نحشرهم لنقول لهم ألم يأتيكم ، وهو شروع في حكاية ما سيكون في الحشر من توبيخ المعشرين بما يتعلق بخاصة أنفسهم إثر حكاية الجن بإغواء الإنس وإضلالهم إياهم .
وظاهره أن الله يبعث في الدنيا إلى الجن رسلا منهم كما يبعث إلى الإنس رسلا منهم ، وبه قال الضحاك ، وقيل معنى منكم أي ممن هو مجانس لكم في الخلق والتكليف والقصد بالمخاطبة فإن الجن والإنس متحدون في ذلك وإن كان الرسل من الإنس خاصة فهم من جنس الجن من تلك الحيثية ، وبه قال أكثر أهل العلم وابن عباس .
وقيل : إنه من باب تغليب الإنس على الجن كما يغلب الذكر على الأنثى ، وبه قال الفراء والزجاج ، وقيل المراد بالرسل إلى الجن ههنا النذر منهم كما في قوله { ولوا إلى قومهم منذرين } عن مجاهد قال : ليس في الجن رسل إنما الرسالة في الإنس ، والنذارة في الجن ، ونحو ذلك قال ابن جريج وأبو عبيدة ، وقيل التقدير رسل من أحدكم يعني من جنس الإنس .
والحاصل أن الخطاب للإنس وإن تناولهما اللفظ فالمراد أحدهما كقوله تعالى : { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } وإنما يخرج من الملح دون العذب ، وقال تعالى : { وجعل القمر فيهن نورا } وإنما هو سماء واحدة .
{ يقصون عليكم آياتي } أي يقرأون كتبي الدالة على توحيدي وتصديق رسلي ويتلونها مع التوضيح والتبيين ، والقاص من يأتي بالقصة وقد تقدم بيان معنى القص { وينذرونكم لقاء يومكم هذا } وهو يوم القيامة ، يقول الله ذلك لهم تقريعا وتوبيخا .
{ قالوا } أي كفار الإنس والجن { شهدنا على أنفسنا } هذا إقرار منهم بأن حجة الله لازمة لهم بإرسال رسله إليهم ، والجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر { وغرتهم الحياة الدنيا } جملة معترضة أي لذاتها ومالوا إليها فكانت عاقبة أمرهم أن اضطروا إلى الشهادة عليهم بالكفر .
{ وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين } هذه شهادة أخرى منهم على أنفسهم بالكفر في الدنيا بالرسل المرسلين إليهم والآيات التي جاؤوا بها ، وقد تقدم ما يفيد أن مثل هذه الآية المصرحة بإقرارهم بالكفر على أنفسهم ومثل قولهم : { والله ربنا ما كنا مشركين } محمول على أنهم يقرون في بعض مواطن يوم القيامة ، وينكرون في بعض آخر ، لطول ذلك اليوم واضطراب القلوب فيه ، وطيشان العقول وانغلاق الأفهام وتبلد الأذهان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.