{ فلما نسوا ما ذكروا به } أي تركوا ما وعظوا به وأعرضوا عنه لأن النسيان لو كان على حقيقته لم يؤاخذوا به إذ ليس هو من فعلهم ، وبه قال ابن عباس وأبو علي الفارسي ، قال ابن جريج : ما دعاهم الله إليه ورسله أبوه وردوه عليهم ، والمعنى أنهم لما تركوا الاتعاظ بما ذكروا به من البأساء والضراء وأعرضوا عن ذلك { فتحنا } بالتخويف والتشديد سبعيتان { عليهم أبواب كل شيء } أي استدرجناهم بفتح أبواب كل أنواع الخير عليهم ، ومكان الضراء الصحة والسلامة في الأبدان والأجسام ، قال مجاهد : يعني رخاء الدنيا ويسرها ، ونحوه عن قتادة .
{ حتى إذا فرحوا بما أوتوا } من الخير والرزق على أنواعه والسعة والرخاء والمعيشة والصحة وأعجبوا بذلك وظنوا أنهم إنما أعطوه لكون كفرهم الذي هم عليه حقا وصوابا . وهذا فرح بطر وأشر كما فرح قارون لما أوتي من الدنيا { أخذناهم بغتة } وهم غير مترقبين لذلك والبغتة الأخذ على غرة من غير تقدمة أمارة وهي مصدر في موضع الحال لا يقاس عليه غيره عند سيبويه .
قال محمد بن النصر الحارثي : أمهلوا عشرين سنة ولا يخفى أن هذا مخالف لمعنى البغتة لغة ومحتاج إلى نقل عن الشارع ، وإلا فهو كلام لا طائل تحته ، قال الحسن مكر بالقوم ورب الكعبة ، وقال أهل المعاني : إنما أخذوا في حال الرخاء والسلامة ليكون أشد لتحسرهم على ما فاتهم من حال العافية والتصرف في ضروب اللذة فأخذناهم في آمن ما كانوا ، وأعجب ما كانت الدنيا إليهم .
{ فإذا } هي الفجائية قال سيبويه إنها ظرف مكان ، وقال جماعة منهم الراسي إنها ظرف زمان ومذهب الكوفيين أنها حرف { هم مبلسون } أي مهلكون في مكان إقامتهم أو في زمانها قاله السدي ، والمبلس الحزين الآيس من الخير لشدة ما زل به من سوء الحال ومن ذلك اشتق اسم إبليس يقال أبلس الرجل إذا سكت وأبلست الناقة إذا لم ترع .
والمعنى فإذا هم محزونون متحيرون آيسون من الفرح ، قال ابن زيد : المبلس المجهود المكروب الذي قد نزل به الشر الذي لا يدفعه ، والمبلس أشد من المستكين وقال الفراء : هو اليائس المنقطع رجاؤه ، وقال أبو عبيدة : هو النادم الحزين ، والإبلاس هو الإطراق من الحزن والندم .
وعن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معصيته فإنما ذلك استدراج ) {[690]} ثم تلا يعني هذه الآية ذكره البغوي بلا سند ، وأسنده الطبري وغيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.