فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لِّيَقُولُوٓاْ أَهَـٰٓؤُلَآءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنۢ بَيۡنِنَآۗ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِأَعۡلَمَ بِٱلشَّـٰكِرِينَ} (53)

{ وكذلك } أي مثل تلك الفتن العظيمة { فتنا بعضهم ببعض } أي ببعض الناس وابتلينا الغني بالفقير ، والشريف بالوضيع ، فكل أحد مبتلى بضده ، والفتنة الاختبار أي عاملناهم معاملة المختبرين { ليقولوا } اللام للصيرورة كقوله لدوا للموت وابنوا للخراب ، وقوله [ ليكون لهم عدوا وحزنا ] وقيل : إنها لام كي وهو أظهر ، وعليه أكثر المعربين والتقدير ومثل ذلك الفتون فتنا ليقول البعض الأول مشيرا إلى البعض الثاني .

{ أهؤلاء } الذين { من الله عليهم من بيننا } أي أكرمهم بإصابة الحق دوننا قال النحاس : وهذا من المشكل لأنه يقال كيف فتنوا ليقولوا هذا القول وهو إن كان على طريقة الإنكار فهو كفر ، وأجاب بجوابين الأول أن ذلك واقع منهم على طريقة الاستفهام لا على سبيل الإنكار والثاني أنهم لما اختبروا بهذا كان عاقبة هذا القول منهم كقوله { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا } قال ابن عباس : قالوا ذلك إستهزاء وسخرية وقال ابن جرير : لو كان لهم كرامة على الله ما أصابهم هذا الجهد .

{ أليس الله بأعلم } هذا الاستفهام للتقرير والمعنى أن مرجع الاستحقاق لنعم الله سبحانه هو الشكر وهو أعلم { بالشاكرين } له فما بالكم تعترضون بالجهل وتنكرون الفضل .