الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{لَهُۥ دَعۡوَةُ ٱلۡحَقِّۚ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسۡتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيۡءٍ إِلَّا كَبَٰسِطِ كَفَّيۡهِ إِلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَٰلِغِهِۦۚ وَمَا دُعَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ} (14)

أخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في قوله { له دعوة الحق } قال : التوحيد ، لا إله إلا الله .

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء ، من طرق عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { له دعوة الحق } قال : شهادة أن لا إله إلا الله .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن ابن زيد - رضي الله عنه - في قوله { له دعوة الحق } قال : لا إله إلا الله ، ليست تنبغي لأحد غيره ، لا ينبغي أن يقال فلان إله بني فلان .

وأخرج ابن جرير عن علي - رضي الله عنه - في قوله { إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه } قال : كالرجل العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه ، وما هو ببالغه .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله { كباسط كفيه إلى الماء } قال : يدعو الماء بلسانه ، ويشير إليه بيده ، فلا يأتيه أبدا ، كذلك لا يستجيب من هو دونه .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة - رضي الله عنه - { والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه } وليس ببالغه حتى يتمزع عنقه ويهلك عطشا . قال الله تعالى { وما دعاء الكافرين إلا في ضلال } فهذا مثل ضربه الله تبارك وتعالى ، إن هذا الذي يدعون من دون الله ، هذا الوثن وهذا الحجر لا يستجيب له بشيء في الدنيا ، ولا يسوق إليه خيرا ، ولا يدفع عنه سوءا حتى يأتيه الموت ، كمثل هذا الذي بسط ذراعيه إلى الماء ليبلغ فاه ، ولا يبلغ فاه ولا يصل ذلك إليه حتى يموت عطشا .

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن عطاء - رضي الله عنه - في قوله { والذين يدعون من دونه } الآية . قال : الرجل يقعد على شفة البئر فيبسط كفيه إلى قعر البئر ليتناول بهما ، فيده لا تبلغ الماء ، والماء لا ينزو إلى يده ، فكذلك لا ينفعهم ما كانوا يدعون من دون الله .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن بكير بن معروف - رضي الله عنه - قال : لما قتل قابيل أخاه ، جعله الله بناصيته في البحر ، ليس بينه وبين الماء إلا أصبع ، وهو يجد برد الماء من تحت قدميه ولا يناله . وذلك قول الله { إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه } فإذا كان الصيف ، ضرب عليه سبع حيطان من سموم ، وإذا كان الشتاء ، ضرب عليه سبع حيطان من ثلج .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه } قال : هذا مثل المشرك الذي عبد مع الله غيره ، فمثله كمثل الرجل العطشان الذي ينظر إلى خياله في الماء من بعيد ، هو يريد أن يتناوله ولا يقدر عليه .