الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِيُبَيِّنَ لَهُمۡۖ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (4)

وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : إن الله فضل محمداً صلى الله عليه وسلم على أهل السماء وعلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . قيل : ما فضله على أهل السماء ؟ قال : إن الله قال لأهل السماء { ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم } [ الأنبياء : 29 ] وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } [ الفتح : 2 ] فكتب له براءة من النار ، قيل له : فما فضله على الأنبياء ؟ قال : إن الله تعالى يقول { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه } وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم { وما أرسلناك إلا كافة للناس } [ سبأ : 28 ] فأرسله إلى الإنس والجن .

وأخرج أحمد عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لم يبعث الله نبياً إلا بلغة قومه » .

وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان جبريل عليه السلام يوحى إليه بالعربية ، وينزل هو إلى كل نبي بلسان قومه .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه } قال : بلغة قومه ، إن كان عربياً فعربياً ، وإن كان عجمياً فعجمياً ، وإن كان سريانياً فسريانياً ، ليبين لهم الذي أرسل الله إليهم ، ليتخذ بذلك الحجة عليهم .

وأخرج الخطيب في تالي التلخيص ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه } قال : أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم بلسان قومه عربي .

وأخرج ابن مردويه عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - { إلا بلسان قومه } قال : نزل القرآن بلسان قريش .

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : نزل القرآن بلسان قريش .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن سفيان الثوري - رضي الله عنه - قال : لم ينزل وحي إلا بالعربية ، ثم يترجم كل نبي لقومه بلسانهم . قال : ولسان يوم القيامة السريانية ، ومن دخل الجنة تكلم بالعربية .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عمر - رضي الله عنه - قال : لا تأكلوا ذبيحة المجوس ولا ذبيحة نصارى العرب ، أترونهم أهل الكتاب ؟ فإنهم ليسوا بأهل كتاب . قال الله تعالى { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم } وإنما أرسل عيسى عليه السلام بلسان قومه ، وأرسل محمد صلى الله عليه وسلم بلسان قومه عربي ، فلا لسان عيسى عليه السلام أخذوا ، ولا ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم اتبعوا ، فلا تأكلوا ذبائحهم ، فإنهم ليسوا بأهل كتاب .