{ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم4 ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور5 } .
4 { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم . . . } .
أي : وما أرسلنا رسولا إلى أمة من الأمم ، من قبلك ومن قبل قومك ، إلا بلغة قومه الذين أرسلناه إليهم ؛ ليفهمهم ما أرسل به إليهم ، من أمره ونهيه بسهولة ويسر ، ولتقوم عليهم الحجة وينقطع العذر ، وقد جاء هذا الكتاب بلغته ، وهو يتلى عليهم فأي عذر لهم في ألا يفقهوه ، وما الذي صدهم عن أن يدرسوه ؛ ليعلموا ما فيه من حكم وأحكام ، وإصلاح لنظم المجتمع ؛ ليسعدوا في حياتهم الدنيوية والأخروية ، والنبي صلى الله عليه وسلم ، وإن أرسل إلى الناس جميعا ، ولغاتهم متباينة ، وألسنتهم مختلفة ، فإرساله بلسان قومه أولى من إرساله بلسان غيرهم ، فإذا فهم قومه الرسالة ، وعرفوا أهدافها ، أمكن ترجمة ذلك إلى غيرهم من الأمم . روى الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لم يبعث الله عز وجل نبيا إلا بلغة قومه )2 .
{ فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء } . أي : فبعد إرسال كل رسول بلسان قومه ؛ ليبين لهم طريق الهداية ، ويرشدهم إلى ترك الضلال والغواية ، فيستجيب للرسل من اتبع سبيل الرشاد ، وجانب أسلوب العناد ، فانشرح صدره للإسلام ؛ بهداية الله وتوفيقه ، ومن الناس من يعرض عن الهدى ، ويختار الضلال والكفر ، ومثل هؤلاء يسلب الله عنهم هداه وتوفيقه ، ويتركهم في ضلال مبين .
وللعلماء في مثل الجملة كلام كثير يمكن تلخيصه فيما يأتي :
إن هداية الله غالية ، فمن رغب في الهدى ؛ يسر الله له أسبابه ، وأعانه باللطف والتوفيق ، ومن أعرض عن الهدى ، وصد عن رسالات السماء ؛ سلب الله عنه الهدى وتركه في ضلال وحيرة ، وفي معنى هذه الآية قال تعالى : { في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون } ( البقرة : 10 ) .
وقال عز وجل : { بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } ( المطففين : 14 ) .
يضل الله ؛ من ران على قلبه الغواية والضلالة ، واختار الكفر على الإيمان ، ويهدي الله ؛ من اختار الإيمان ، وسلك في طريق الهدى ، فيلهمه الله الهدى والرشاد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.