الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَٰهُ تَرۡتِيلٗا} (32)

أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : قال المشركون : إن كان محمد كما يزعم نبياً فلِمَ يعذبه ربه . ألا ينزل عليه القرآن جملة واحدة ؟ ينزل عليه الآية والآيتين والسورة . فأنزل الله على نبيه جواب ما قالوا { وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة } إلى { وأضل سبيلاً } .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة { وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة } يقولون : كما أنزل على موسى ، وعلى عيسى قال الله { كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً } قال : بيناه تبييناً { ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً } قال : أحسن تفصيلاً .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله { كذلك لنثبت به فؤادك } قال : كان الله ينزل عليه الآية فإذا علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت آية أخرى ليعلمه الكتاب عن ظهر قلبه ويثبت به فؤادك { ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً } يقول : أحسن تفصيلاً .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله { كذلك لنثبت } قال : لنشدد به فؤادك ، ونربط على قلبك { ورتلناه ترتيلاً } قال : رسلناه ترسيلاً يقول : شيئاً بعد شيء { ولا يأتونك بمثل } يقول : لو أنزلنا عليك القرآن جملة واحدة ثم سألوك ، لم يكن عندك ما تجيب . ولكنا نمسك عليك ، فإذا سألوك أجبت .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قالت قريش ما للقرآن لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم جملة واحدة ؟ قال الله في كتابه { وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً } قال : قليلاً . قليلاً . . . كما لا يجيئوك بمثل إلا جئناك بما ينقض عليهم ، فأنزلناه عليك تنزيلاً قليلاً قليلاً . كلما جاؤوا بشيء جئناهم بما هو أحسن منه تفسيراً .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله { ورتلناه ترتيلاً } قال : كان ينزل عليه الآية . والآيتان . والآيات . . . كان ينزل عليه جواباً لهم . إذا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء أنزل الله جواباً لهم ، ورداً عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما تكلموا به ، وكان بين أوّله وآخره نحو من عشرين سنة .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج { كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً } قال : كان ينزل عليه القرآن جواباً لقولهم . ليعلم أن الله هو يجيب القوم عما يقولون { ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق } قال : لا يأتيك الكفار إلا جئناك بما ترد به ما جاؤوك به من الأمثال التي جاؤوا بها .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي { ورتلناه ترتيلاً } يقول : أنزل متفرقاً .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي { ورتلناه ترتيلاً } قال : فصلناه تفصيلاً .