الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابٗا مُّهِينٗا} (57)

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { إن الذين يؤذون الله ورسوله } الآية . قال : نزلت في الذين طعنوا على النبي صلى الله عليه وسلم حين أخذ صفية بنت حيي رضي الله عنها .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت في عبد الله بن أُبي ، وناس معه قذفوا عائشة رضي الله عنها ، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم وقال «من يعذرني في رجل يؤذيني ، ويجمع في بيته من يؤذيني » فنزلت .

وأخرج الحاكم عن ابن أبي مليكة قال : جاء رجل من أهل الشام ، فسب علياً رضي الله عنه عند ابن عباس رضي الله عنهما ، فحصبه ابن عباس رضي الله عنهما وقال : يا عدوّ الله آذيت رسول الله { إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة } لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً لآذتيه .

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله { إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة } قال : آذوا الله فيما يدعون معه ، وآذوا رسول الله قالوا : إنه ساحر مجنون .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله { إن الذين يؤذون الله ورسوله } قال : أصحاب التصاوير .

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول فيما يروي عن ربه عز وجل « شتمني ابن آدم ولم ينبغ له أن يشتمني ، وكذبني ولم ينبغ له أن يكذبني ، فأما شتمه إياي فقوله { اتخذ الله ولداً } [ البقرة : 116 ] وأنا الأحد الصمد ، وأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني . قال قتادة : إن كعباً رضي الله عنه كان يقول : يخرج يوم القيامة عنق من النار فيقول : يا أيها الناس إني وكلت منكم بثلاث ، بكل عزيز كريم ، وبكل جبار عنيد ، وبمن دعا مع الله إلهاً آخر ، فيلتقطهم كما يلتقط الطير الحب من الأرض ، فتنطوي عليهم فتدخل النار ، فتخرج عنق أخرى فتقول : يا أيها الناس أني وكلت منكم بثلاثة : بمن كذب الله ، وكذب على الله ، وآذى الله ، فأما من كذب الله ، فمن زعم أن الله لا يبعثه بعد الموت ، وأما من كذب على الله ، فمن زعم أن الله يتخذ ولداً ، وأما من آذى الله : فالذين يصورون ولا يحيون . فتلقطهم كما تلقط الطير الحب من الأرض ، فتنطوي عليهم ، فتدخل النار » .