أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { ولكم نصف ما ترك أزواجكم . . } الآية . يقول : للرجل نصف ما تركت امرأته إذا ماتت إن لم يكن لها ولد من زوجها الذي ماتت عنه أو من غيره ، فإن كان لها ولد ذكر أو أنثى فللزوج الربع مما تركت من المال من بعد وصية يوصي بها النساء أو دين عليهن - و الدين قبل الوصية فيها تقدم - { ولهن الربع . . } الآية . يعني للمرأة الربع مما ترك زوجها من الميراث إن لم يكن لزوجها الذي مات عنها ولد منها ولا من غيرها ، فإن كان للرجل ولد ذكر أو أنثى فلها الثمن مما ترك الزوج من المال ، وإن كان رجل أو امرأة يورث كلالة - والكلالة الميت الذي ليس له ولد ولا والد - { فإن كانوا أكثر من ذلك } يعني أكثر من واحد ، اثنين إلى عشرة فصاعدا .
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والدرامي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي وقاص . أنه كان يقرأ { وإن كان رجل يورث كلالة وله أخ أو أخت من أم } .
وأخرج البيهقي عن الشعبي قال : ما ورث أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الأخوة من الأم مع الجد شيئا قط .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { وله أخ أو أخت } قال : هؤلاء الإخوة من الأم فهم شركاء في الثلث قال : ذكرهم وأنثاهم فيه سواء .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال : قضى عمر بن الخطاب أن ميراث الإخوة من الأم بينهم الذكر فيه مثل الأنثى . قال : ولا أرى عمر بن الخطاب قضى بذلك حتى علمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذه الآية التي قال الله { فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث } .
وأخرج الحاكم عن عمر وعلي وابن مسعود وزيد في أم وزوج وإخوة لأب ، وأم وإخوة لأم ، إن الإخوة من الأب والأم شركاء الإخوة من الأم في ثلثهم وذلك أنهم قالوا : هم بنو أم كلهم ، ولم تزدهم الأم إلا قربا فهم شركاء في الثلث .
وأخرج الحاكم عن زيد بن ثابت في المشركة قال : هبوا أن أباهم كان حمارا ما زادهم الأب إلا قربا ، وأشرك بينهم في الثلث .
ذكر الأحاديث الواردة في الفرائض
أخرج الحاكم والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإنه نصف العلم ، وإنه ينسى ، وهو أول ما ينزع من أمتي " .
وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض ، وإن العلم سيقبض ، وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفرائض ، لا يجدان من يقضي بها " .
وأخرج الحاكم عن ابن المسيب قال : كتب عمر إلى أبي موسى : إذا لهوتم فالهوا بالرمي ، وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض .
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال : تعلموا الفرائض ، واللحن ، والسنة ، كما تعلمون القرآن .
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال : تعلموا الفرائض فإنها من دينكم .
وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن مسعود قال : من قرأ منكم القرآن فليتعلم الفرائض ، فإن لقيه أعرابي قال : يا مهاجر أتقرأ القرآن ؟ فيقول : نعم . فيقول : وأنا أقرأ . فيقول الأعرابي : أتفرض يا مهاجر ؟ فإن قال : نعم . قال : زيادة خير . وإن قال : لا . قال : فما فضلك علي يا مهاجر ؟ .
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : تعلموا الفرائض ، والحج ، والطلاق ، فإنه من دينكم .
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفرض أمتي زيد بن ثابت " .
وأخرج البيهقي عن الزهري قال : لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس .
وأخرج سعيد بن منصور وأبو داود في المراسيل والبيهقي عن عطاء بن يسار " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى قباء يستخير في ميراث العمة والخالة . فأنزل الله عليه لا ميراث لهما . وأخرجه الحاكم موصولا من طريق عطاء عن أبي سعيد الخدري .
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول : عجبا للعمة تورث ولا ترث .
وأخرج الحاكم عن قبيصة بن ذؤيب قال : جاءت الجدة إلى أبي بكر فقالت : إن لي حقا في ابن ابن . أو ابن ابنة لي مات . قال : ما علمت لك حقا في كتاب الله ، ولا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا ، وسأسأل . فشهد المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس قال : من شهد ذلك معك ؟ فشهد محمد بن مسلمة ، فأعطاها أبو بكر السدس .
وأخرج الحاكم عن زيد بن ثابت أن عمر لما استشارهم في ميراث الجد والإخوة قال زيد : كان رأيي أن الإخوة أولى بالميراث ، وكان عمر يرى يومئذ أن الجد أولى من الإخوة ، فحاورته وضربت له مثلا ، وضرب علي وابن عباس له مثلا يومئذ . السيل يضربانه ويصرفانه على نحو تصريف زيد .
وأخرج الحاكم عن عبادة بن الصامت قال : إن من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم للجدتين من الميراث السدس بينهما بالسوية .
وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال : أول من أعال الفرائض عمر ، تدافعت عليه وركب بعضها بعضا ، قال : والله ما أدري كيف أصنع بكم ، والله ما أدري أيكم قدم الله ولا أيكم أخر ، وما أجد في هذا المال شيئا أحسن من أن أقسمه عليكم بالحصص . ثم قال ابن عباس : وأيم الله لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضته . فقيل له : وأيها قدم الله ؟ قال : كل فريضة لم يهبطها الله من فريضة إلا إلى فريضة : فهذا ما قدم الله ، وكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فتلك التي أخر الله فالذي قدم كالزوجين والأم ، والذي أخر كالأخوات والبنات . فإذا اجتمع من قدم الله وأخر بدئ بمن قدم فأعطي حقه كاملا ، فإن بقي شيء كان لهن وإن لم يبق شيء فلا شيء لهن .
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس قال : أترون الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في المال نصفا وثلثا وربعا ، إنما هو نصفان وثلاثة أثلاث وأربعة أرباع .
وأخرج سعيد بن منصور عن عطاء قال : قلت لابن عباس : إن الناس لا يأخذون بقولي ولا بقولك ، ولو مت أنا وأنت ما اقتسموا ميراثا على ما تقول : قال : فليجتمعوا فلنضع أيدينا على الركن ، ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين . ما حكم الله بما قالوا .
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في سننه عن زيد بن ثابت . أنه أول من أعال الفرائض ، وأكثر ما بلغ العول مثل ثلثي رأس الفريضة .
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس . أنه كان يقول : من شاء لاعنته عند الحجر الأسود ، إن الله لم يذكر في القرآن جدا ولا جدة إن هم إلا الآباء ، ثم تلا ( واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب ) ( يوسف الآية 38 ) .
وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أجرؤكم على قسم الجد أجرؤكم على النار " .
وأخرج عبد الرزاق عن عمر قال : أجرؤكم على جراثيم جهنم أجرؤكم على الجد .
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور عن علي قال : من سره أن يتقحم جراثيم جهنم فليقض بين الجد والإخوة .
وأخرج مالك والبخاري ومسلم عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر " .
وأخرج سعيد بن منصور عن عبد الله بن مغفل قال : ما أحدث في الإسلام قضاء بعد قضاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أعجب إلي من قضاء معاوية ، إنا نرثهم ولا يرثونا ، كما أن النكاح يحل لنا فيهم ولا يحل لهم فينا .
وأخرج أبو داود والبيهقي عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس للقاتل من الميراث شيء " .
قوله تعالى : { غير مضار } الآية .
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار } يعني من غير ضرار لا يقر بحق ليس عليه ولا يوصي بأكثر من الثلث مضار للورثة .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { غير مضار } قال : في الميراث لأهله .
وأخرج النسائي وعبد بن حميد وابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال : الضرار في الوصية من الكبائر ثم قرأ { غير مضار } .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الأضرار في الوصية من الكبائر .
وأخرج مالك والطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان عن سعد بن أبي وقاص " أنه مرض مرضا أشفي منه فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال : يا رسول الله إن لي مالا كثيرا وليس يرثني إلا ابنة أفأتصدق بالثلثين ؟ قال : لا . قال : فالشطر . . . ؟ قال : لا . قال : فالثلث . . . ؟ قال : الثلث والثلث كثير ، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس " .
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال : إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم زيادة في حياتكم يعني الوصية .
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن عباس قال : وددت أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الثلث كثير .
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : ذكر عند عمر الثلث في الوصية قال : الثلث وسط ، لا بخس ولا شطط .
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال : لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع ، ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث ، ومن أوصى بالثلث لم يترك .
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يقولون : الذي يوصي بالخمس أفضل من الذي يوصي بالربع ، والذي يوصي بالربع أفضل من الذي يوصي بالثلث .
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كان يقال : السدس خير من الثلث في الوصية .
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر الشعبي قال : من أوصى بوصية لم يحف فيها ولم يضار أحدا كان له من الأجر ما لو تصدق في حياته في صحته .
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يكرهون أن يموت الرجل قبل أن يوصي ، قبل أن تنزل المواريث .