الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞وَلَكُمۡ نِصۡفُ مَا تَرَكَ أَزۡوَٰجُكُمۡ إِن لَّمۡ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٞۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٞ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡنَۚ مِنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ يُوصِينَ بِهَآ أَوۡ دَيۡنٖۚ وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡتُمۡ إِن لَّمۡ يَكُن لَّكُمۡ وَلَدٞۚ فَإِن كَانَ لَكُمۡ وَلَدٞ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكۡتُمۚ مِّنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ تُوصُونَ بِهَآ أَوۡ دَيۡنٖۗ وَإِن كَانَ رَجُلٞ يُورَثُ كَلَٰلَةً أَوِ ٱمۡرَأَةٞ وَلَهُۥٓ أَخٌ أَوۡ أُخۡتٞ فَلِكُلِّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا ٱلسُّدُسُۚ فَإِن كَانُوٓاْ أَكۡثَرَ مِن ذَٰلِكَ فَهُمۡ شُرَكَآءُ فِي ٱلثُّلُثِۚ مِنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ يُوصَىٰ بِهَآ أَوۡ دَيۡنٍ غَيۡرَ مُضَآرّٖۚ وَصِيَّةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٞ} (12)

قوله : ( وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً اَوِ امْرَأَةٌ ) الآية [ 12 ] .

" نصب ( كلالة ) على أنه خبر كان عند الأخفش( {[11771]} ) ، وإن شئت على الحال يجعل كان بمعنى وقع " ويورث " صفة رجل ، وهذا على أن الكلالة هو الميت( {[11772]} ) ، وهو قول البصريين لأنهم يقولون الكلالة الميت الذي لا ولد له( {[11773]} ) ، ولا والد( {[11774]} ) وقد روي ذلك عن أبي بكر رضي الله عنه( {[11775]} ) ، وكذلك قال علي ، وزيد بن ثابت ، وابن مسعود ، وابن عباس وجابر ابن زيد( {[11776]} )( {[11777]} ) .

قال البصريون : هو كما تقول رجل عقيم : إذا( {[11778]} ) لم يولد له ، مشتق من الإكليل كأن الورثة غير الولد ، والولد قد أحاطوا به فحازوا المال .

وقرأ الحسن وأبو رجاء( {[11779]} ) ( يورِث كلالة ) بكسر الراء جعل الكلالة مفعول به( {[11780]} ) .

وقرأ بعض الكوفيين ( يورِث كلالة ) بكسر الراء وتشديد نصب كلالة على أنه مفعول بها( {[11781]} ) .

والكلالة في هاتين الروايتين : الورثة أو المال .

وقال أبو عبيدة( {[11782]} ) : كلالة أصله مصدر من كلالة النسب إذا أحاط به ، والأب والابن طرفان للرجل ، فإذا مات ولم يخلفهما فقد مات عن ذهاب طرفيه ، فسمي ذهاب الطرفين كلالة كأنها اسم للمصيبة في تكلل النسب .

وقد قيل( {[11783]} ) : الكلالة الورثة لا ولد فيهم ولا أب وهو قول أهل المدينة وأهل الكوفة ، وشاهد هذا القول قراءة الحسن وأبي رجاء المتقدم ذكرهما ، ويبعد هذا القول لأجل نصب كلالة لأنه يجب على هذا القول أن ترتفع( {[11784]} ) على معنى يورث منه كلالة .

وقال عطاء : الكلالة المال الذي لا يرثه ولد ولا والد( {[11785]} ) ، وهو قول شاذ ، فيكون نصبها على أنه صفة لمصدر محذوف والتقدير : يورث وارثه كلالة( {[11786]} ) .

وقال ابن زيد : الكلالة الحي والميت الذي لا ولد له ولا والد( {[11787]} ) .

والكلالة مشتق من الإكليل المنعطف على جبين الملك ، ومن الروضة المكللة وهي التي قد حف بها النَوْرُ ، وشبه ذلك بالقمر إذا حل بالإكليل وهو منزلة من منازل القمر ذات نجوم ، يقال يتكلله النسب إذا أحاط به ، وإنما سمي الميت الذي لا ولد له ، ولا والد كلالة لأن كل واحد من الولد والوالد( {[11788]} ) إذا انفرد يحيط بالميراث كله( {[11789]} ) .

قوله : ( غَيْرَ مُضَارٍّ ) نصب غير على الحال أي : يوصي بها غير مضار( {[11790]} ) .

وقرأ الحسن غير مضار وصيةٍ ، بالإضافة ولحن( {[11791]} ) في ذلك لأن اسم الفاعل لا يضاف إلى المصدر( {[11792]} ) ، ووجهه غير مضار بوصية أي : غير مضار بها ورثته في ميراثهم لا يقدر بما ليس ( عليه )( {[11793]} ) ولا يوصي بأكثر من الثلث( {[11794]} ) .

و " وصية " نصب على المصدر( {[11795]} ) .

وأكثر العلماء على أن الكلالة في أول هذه السورة يراد بها الإخوة [ من الأم والكلالة في آخر السورة يراد بها الاخوة ]( {[11796]} ) من الأب والأم .

قوله : ( وَلَهُ أَخٌ اَوُ اُخْتٌ ) إنما وحد في أوله وقد تقدم ذكر رجل وامرأة ، لأن الاسمين إذا تقدما وعطف أحدهما على الآخر بأو ، جاز أن تضيف الخبر إليهما أو لأحدهما ، إن شئت أن تقول : من كان عنده غلام أو جارية ، فيحسن إليه ، وإن شئت : إليها وإن شئت : إليهما( {[11797]} ) .


[11771]:- في نصب "كلالة" أربعة أوجه (أ) النصب على أنها خبر كان. (ب) النصب على أنها حال. (ج) النصب على أنها تمييز. (د) النصب على أنها صفة. انظر: معاني الأخفش 1/439 ومعاني الزجاج 2/25، والبيان في غريب الإعراب 1/245.
[11772]:- انظر: إعراب النحاس 1/400.
[11773]:- (أ): لا والده.
[11774]:- (د): ولا والد له.
[11775]:- انظر: جامع البيان 4/284.
[11776]:- هو أبو الشعفاء جابر بن زيد الأزدي البصري توفي 93 هـ تابعي، كان فقيهاً ومقرئاً، متفق على توثيقه، انظر: الحلية 3/185، وغاية النهاية 1/189.
[11777]:- انظر: جامع البيان 4/284.
[11778]:- (ج): إذ.
[11779]:- (ج): أبو رجاء، وأبو رجاء هو عمران بن تميم، ويقال ابن ملحان العطاردي توفي 105، تابعي كبير كان محدثاً ومقرئاً انظر: تاريخ الثقات 4/98، والجرح والتعديل 1/1/144.
[11780]:- انظر: جامع البيان 4/283.
[11781]:- في "يورث" ثلاث قراءات: (أ) يُورَث بفتح الراء بالبناء للمجهول للفعل أورث وهي قراءة الجمهور. (ب) يُورِث بكسر الراء بالبناء للفاعل من فعل أورث وهي قراءة الحسن. (ج) يُورِّث بكسر الراء وتشديدها بالبناء للفاعل من فعل ورّث، وهي قراءة أبي رجاء والحسن والأعمش وعيسى بن عمر وفي القراءتين (ب) (ج) المفعولان محذوفان كأنه قال يورث وارثه مالاً. انظر: المحتسب 1/182-183، ومختصر الشواذ 25 ومشكل الإعراب 1/192 والبيان في غريب الإعراب 1/245 والبحر 3/189.
[11782]:- نسبه مكي إلى أبي عبيدة خطأ، وهو لابن قتيبة كما هو مثبت في تفسير الغريب 121.
[11783]:- يعزى لأبي بكر في جامع البيان 4/284.
[11784]:- هي قراءة أشار إليها ابن الأنباري أثناء تفصيله لوجوه الإعراب في كلالة. انظر: البيان في غريب الإعراب 1/245.
[11785]:- انظر: جامع البيان 4/287.
[11786]:- انظر: البيان في غريب الإعراب 1/245.
[11787]:- انظر: جامع البيان 4/286.
[11788]:- (أ) الولد.
[11789]:- انظر: جامع البيان 4/283، والمفردات 4/455 واللسان (كلل).
[11790]:- انظر: إعراب النحاس 1/401 ومشكل الإعراب 1/192.
[11791]:- (د): ونحن وهو تحريف.
[11792]:- (د): انظر: معاني الزجاج 2/27 والمحتسب 1/183، ومختصر الشواذ 24.
[11793]:- ساقط من (أ).
[11794]:- انظر: المحتسب 1/183، ومختصر الشواذ 24 والمحرر 4/44 وأحكام القرآن لابن العربي 1/351.
[11795]:- انظر: إعراب النحاس 1/401، ومشكل الإعراب 1/192.
[11796]:- ساقط من (أ).
[11797]:- انظر: المغني لابن هشام 64.