الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ} (77)

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { لا تغلوا في دينكم } يقول : لا تبتدعوا .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله { لا تغلوا في دينكم } قال : الغلو فراق الحق ، وكان مما غلوا فيه أن دعوا لله صاحبة وولداً .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : قد كان قائم قام عليهم ، فأخذ بالكتاب والسنة زماناً ، فأتاه الشيطان فقال : إنما تركب أثرا وأمراً قد عمل به قبلك فلا تحمد عليه ، ولكن ابتدع أمراً من قبل نفسك وادع إليه واجبر الناس عليه ، ففعل ثم ادّكر من بعد فعله زماناً فأراد أن يموت ، فخلع سلطانه وملكه وأراد أن يتعبد ، فلبث في عبادته أياماً فأتي فقيل له : لو أنك تبت من خطيئة عملتها فيما بينك وبين ربك عسى أن يتاب عليك ، ولكن ضل فلان وفلان في سبيلك حتى فارقوا الدنيا وهم على الضلالة ، فكيف لك بهداهم ؟ فلا توبة لك أبداً ، ففيه سمعنا وفي أشباهه هذه الآية { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل } .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله { لا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً } فهم أولئك الذين ضلوا وأضلوا أتباعهم { وضلوا عن سواء السبيل } عن عدل السبيل . والله أعلم .