فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ} (77)

{ قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق } أمر الله تعالى نبيه أن يقول لمن أنزلت فيهم التوراة والإنجيل وعاصر نزولها أسلافهم : لا تتجاوزوا الحد في تدينكم بإفراط أو تفريط دون حق لكم في ذلك ؛ و { غير الحق } صفة مؤكدة لا مميزة ، لأن الغلو لا يكون حقا أبدا ؛ - يقول : لا تفرطوا في القول فيما تدينون به من أمر المسيح فتجاوزوا فيه الحق إلى الباطل ، فتقولوا فيه : هو الله أو هو ابنه ولكن قولوا : هو عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ؛ { ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا } يقول : ولا تتبعوا أيضا في المسيح أهواء اليهود الذين قد ضلوا قبلكم عن سبيل الهدى في القول فيه ، فتقولون فيه كما قالوا : هو لغير رشدة ، وتبهتوا أمه كما يبهتونها بالفرية ، وهي صديقة ؛ { وأضلوا كثيرا } يقول- تعالى ذكره- : وأضل هؤلاء اليهود كثيرا من الناس فحادوا بهم عن طريق الحق ، وحملوهم على الكفر بالله ، والتكذيب بالمسيح ؛ { وضلوا عن سواء السبيل } يقول : وضل هؤلاء اليهود عن قصد الطريق ، وركبوا غير محجة الحق ، وإنما يعني- تعالى ذكره- بذلك : كفرهم بالله ، وتكذيبهم رسله : عيسى ومحمدا صلى الله عليه وسلم ، وذهابهم عن الإيمان وبعدهم منه ، وذلك كان ضلالهم الذي وصفهم الله به-( {[1845]} ) .


[1845]:من جامع البيان.