بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ} (77)

وقوله تعالى : { قُلْ يا أهل الكتاب لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحق } يقول : لا تجاوزوا الحد ، والغلو : هو الإفراط والاعتداء . ويقال : لا تتعمقوا .

ثم قال : { وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ } وهم الرؤساء من أهل الكتاب ، يعني : لا تتّبعوا شهواتهم ، لأنهم آثروا الشهوات على البيان والبرهان ، { قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ } وهم رؤساء النصارى ضلوا عن الهدى ، { وَأَضَلُّواْ كَثِيراً } من الناس ، { وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السبيل } يعني : اخطؤوا عن قصد الطريق . وقال مقاتل : نزلت في برصيصا العابد ، فجاءه الشيطان فقال له : قد فضلك الله على أهل زمانك لكي تحل لهم الحرام ، وتحرم عليهم الحلال ، وتسن لهم سنة ، ففعل فاتبعه الناس بذلك ، ثم ندم على فعله . فعمد إلى سلسلة ، فجعلها في ترقوته فعلق نفسه فجاءه ملك ، فقال له : أنت تتوب فكيف لك من تابعك ؟ فذلك قوله : { قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السبيل } .