تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوٓاْ أَهۡوَآءَ قَوۡمٖ قَدۡ ضَلُّواْ مِن قَبۡلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرٗا وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ} (77)

وقوله تعالى : { قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق } خاطب الله عز وجل بالنهي عن الغلو في الدين أهل الكتاب ، لم يخاطب أهل الشرك بذلك في ما خاطب كقوله : { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق } [ النساء : 171 ] وذلك أن أهل الكتاب ادعوا أنهم على دين الأنبياء والرسل كانوا من قبل ، فنهاهم الله عز وجل عن الغلو في الدين . والغلو هو المجاوزة عن الحد الذي حد والإفراط فيه و التعمق . فكأنه ، والله أعلم ، قال : لا تجاوزوا في الدين الحد الذي حد فيه بنسبته الألوهية إلى غير الله والعبادة له .

وأما أهل الشرك فإنهم يعبدون ما يستحسنون ، ويتركون ما يستقبحون ، ليس لهم دين ، يدينون به . وأما هؤلاء فإنهم يدعون أنهم على دين الأنبياء والرسل . كذلك خرج الخطاب لهم بذلك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا } يعني من قبل الرسول بذلك ، والله أعلم ، { وأضلوا كثيرا } أي أتباعهم { وضلوا عن سواء السبيل } أي عن قصد طريق الهدى .