وأخرج ابن جرير عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس قالا : قالت قريش بعضها لبعض : محمد صلى الله عليه وسلم أكرمه الله من بيننا { اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء . . . } الآية . فلما أمسوا ندموا على ما قالوا فقالوا : غفرانك اللهم . فأنزل الله { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } إلى قوله { لا يعلمون } .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن أبزي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فأنزل الله { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فأنزل الله { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } فلما خرجوا أنزل الله { وما لهم أن لا يعذبهم الله . . . } الآية فأذن في فتح مكة ، فهو العذاب الذي وعدهم .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطية رضي الله عنه في قوله { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } يعني المشركين حتى يخرجك منهم { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } قال : يعني المؤمنين ، ثم أعاد المشركين فقال { وما لهم أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام } .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } يقول : لو استغفروا وأقروا بالذنوب لكانوا مؤمنين . وفي قوله { وما لهم أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام } يقول : وكيف لا أعذبهم وهم لا يستغفرون .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } قال : بين أظهرهم { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } يقول : وما كان الله معذبهم وهو لا يزال الرجل منهم يدخل في الإسلام .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } قال : وهم يدخلون في الإسلام .
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن دينار رضي الله عنه قال : سئل سعيد بن جبير رضي الله عنه عن الاستغفار ؟ فقال : قال الله { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } يقول : يعملون على الغفران ، وعلمت أن ناسا سيدخلون جهنم ممن يستغفرون بألسنتهم ممن يدعي الإسلام وسائر الملل .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة والحسن رضي الله عنهما في قوله { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } قالا : نسختها الآية التي تليها { وما لهم أن لا يعذبهم الله } فقوتلوا بمكة فأصابهم فيها الجوع والحصر .
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه . مثله .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي مالك رضي الله عنه { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } يعني أهل مكة { وما كان الله معذبهم } وفيهم المؤمنون يستغفرون .
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن قتادة رضي الله عنه قال : إن القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم ، أما داؤكم فذنوبكم ، وأما دواؤكم فالاستغفار .
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن كعب رضي الله عنه قال : إن العبد ليذنب الذنب الصغير فيحتقره ولا يندم عليه ولا يستغفر منه ، فيعظم عند الله حتى يكون مثل الطود ، ويذنب الذنب فيندم عليه ويستغفر منه فيصغر عند الله عز وجل حتى يعفو له .
وأخرج الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنزل الله علي أمانين لأمتي { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة " .
وأخرج أبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان فيكم أمانان مضى أحدهما وبقي الآخر .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الله جعل في هذه الأمة أمانين لا يزالون معصومين من قوارع العذاب ما داما بين أظهرهم ، فأمان قبضه الله تعالى إليه ، وأمان بقي فيكم قوله { وما كان الله ليعذبهم . . . } الآية .
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه والحاكم وابن عساكر عن أبي موسى رضي الله عنه قال : إنه قد كان فيكم أمانان ، مضى أحدهما وبقي الآخر { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد مضى بسبيله ، وأما الاستغفار فهو كائن إلى يوم القايمة .
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان في هذه الأمة أمانان : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والاستغفار ، فذهب أمان - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - وبقي أمان ، يعني الاستغفار .
وأخرج أحمد عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله " .
وأخرج أحمد والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله : " إن الشيطان قال : وعزتك يا رب ، لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم . قال الرب : وعزتي وجلالي ، لا أزال أغفر لهم ما استغفروني " .
وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال : " من أكثر من الاستغفار ، جعل الله له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب " .
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا " .
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن استطعتم أن تكثروا من الاستغفار فافعلوا ، فإنه ليس شيء أنجح عند الله ولا أحب إليه منه " .
وأخرج أحمد في الزهد عن مغيث بن أسماء رضي الله عنه قال : كان رجل ممن كان قبلكم يعمل بالمعاصي ، فبينما هو ذات يوم يسير إذ تفكر فيما سلف منه فقال : اللهم غفرانك . فأدركه الموت على تلك الحال فغفر له .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : طوبى لمن وجد في صحيفته بندا من الاستغفار .
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : من قال : أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه خمس مرات ، غفر له وإن كان عليه مثل زبد البحر .
وأخرج أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال " انكسفت الشمس على عهد رسول الله ، فصلى رسول الله ، فقام فلم يكد يركع ، ثم ركع فلم يكد يسجد ، ثم سجد فلم يكد يرفع ، ثم رفع وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك ، ثم نفخ في آخر سجوده ، ثم قال : رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم ، رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون ونحن نستغفرك . ففرغ رسول الله من صلاته وقد انمخضت الشمس " .
وأخرج الديلمي عن عثمان بن أبي العاص قال : قال رسول الله في الأرض أمانا : أنا أمان ، والاستغفار أمان ، وأنا مذهوب بي ويبقى أمان الاستغفار ، فعليكم بالاستغفار عند كل حدث وذنب " .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } قال : ما كان الله ليعذب قوما وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } يقول : وفيهم من قد سبق له من الله الدخول في الإيمان : وهو الاستغفار . وقال للكافر { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ) ( آل عمران الآية 179 ) فيميز الله أهل السعادة من أهل الشقاوة { وما لهم أن لا يعذبهم الله } فعذبهم يوم بدر بالسيف .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } ثم استثنى أهل الشرك فقال { وما لهم أن لا يعذبهم الله } .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والنحاس وأبو الشيخ عن الضحاك { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } قال : المشركين الذين بمكة { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } قال : المؤمنين بمكة { وما لهم أن لا يعذبهم الله } قال : كفار مكة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.