وقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) يحتمل قوله : ( وأنت فيهم ) أي في جملة المؤمنين أنه لا يعذب أحدا في الدنيا ما دام هو فيهم ، ومادام [ فيهم مؤمن لقوله تعالى ][ في الأصل وم : مؤمن فيهم بقوله ] : ( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) أي يؤمنون ، وهو[ في الأصل وم : وهم ] كما ذكر أنه أرسله رحمة بقوله : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )[ الأنبياء : 107 ] ومن رحمته ألا يعذب أحدا من أمته في الدنيا ، إنما يؤخر ذلك إلى يوم التنادي بقوله : ( إنما نؤخرهم ليوم )[ إبراهيم : 42 ] كذا وقوله : ( والساعة أدهى وأمر )[ القمر : 46 ] .
ويحتمل أن يكون قوله : ( وأنت فيهم ) في أهل مكة خاصة ؛ إنه لا يعذبهم مادام فيهم أحد من المسلمين من نحو النساء والذراري كقوله ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم )الآية[ الفتح : 25 ] أي لا نعذبهم وأنت يا محمد فيهم ؛ أي بين أظهرهم حتى نخرجك من بينهم .
[ وقيل ][ ساقطة من الأصل وم ] ( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) أي يصلون ، وقيل : يؤمنون .
وكذلك روي عن ابن عباس رضي الله عنه ولكن يعذبهم تعذيب القتال والجهاد ، ولا يعذبهم استئصال على ما أهلك[ في الأصل وم : هلك ] سائر الأمم .
ثم إن المعتزلة تعلقت بظاهر قوله تعالى : ( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) أي سيؤمنون ، أي لا يعذبهم مادام يعلم أن فيهم أحدا يؤمن في آخر عمره ، أو من قولهم : ألا يجوز الله أن يهلك أحدا إذا كان في علمه أنه سيؤمن في آخر عمره لقولهم في الأصلح : إن الله لا يفعل بخلقه إلا ما هو أصلح لهم في الدين . فعلى ذلك تأولوا ظاهر هذه الآية أنه لا يعذبهم ، وهم يستغفرون ؛ أي سيؤمنون .
لكن لو كان كما قالوا لكان لا يجوز الجهاد معهم أبدا ، ويسقط الأمر بالقتال ؛ إذ لعل فيهم من يسلم ، فإذن أمره بالجهاد والقتال معهم دل أن ذلك ليس ما توهموا ، والله أعلم .
وقال بعضهم في قوله : ( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) أي وهم يدخلون في الإسلام . وقيل : يسلمون .
وقال بعضهم : ( وهم يستغفرون ) بقية من بقي في مكة من المسلمين ، فلما خرجوا منها قال : ( وما لهم ألا يعذبهم الله )الآية[ الأنفال : 34 ] .
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : فيكم أمانان ، أحدهما : رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول الله : ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) والآخر : الاستغفار لقول الله : ( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) قال : فذهب أمان ، وهو رسول الله ، وبقي أمان ، وهو الاستغفار .
وعن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : إن الله جعل في هذه الأمة أمانين ، لا يزالون معصومين[ في الأصل وم : معصومون ] من قوارع العذاب مادام بين أظهرهم ؛ فأمان قبضه الله إليه ، وأمان بقي فيهم[ في الأصل وم : فيكم ] ، وهو الاستغفار الذي ذكر .
وروي عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كان ساجدا في آخر سجوده في صلاة [ آية الكسوف ][ في الأصل وم : الآيات ] ، فقال : أف أف ، فقال : رب ألم تعدني ألا تعذبهم ، وأنا فيهم ؟ رب ألم تعدني ألا تعذبهم وهم يستغفرون ؟ »[ بنحوه أبو داوود1194 ] .
وعن بعضهم : أمانان أنزلهما الله ؛ أما أحدهما فمضى ، وهو نبي الله ، وأما الآخر فأبقاه الله تعالى بين أظهركم ، وهو الاستغفار والتوبة .
وفي إثبات قول السفهاء ودعائهم بإمطار الحجارة عليهم وجعل ذلك [ الاستغفار ][ ساقطة من الأصل وم ] كتابا يتلى في الصلوات أوجه ثلاثة من الحكمة :
أحدها : تعريف لهذه الأمرة المعاملة مع السفهاء عند ارتكاب المناكير من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا[ في الأصل وم : أنهم إنما ] تمادوا في غيهم ، واستقبلوا بالمكروه والأذى ، ألا يترك الأمر لهم بالمعروف ، ولا ييأس من خيرهم اقتداء بالنبي أنه لم يترك دعاءهم وأمرهم بالمعروف مع شدة سفههم وتمردهم .
والثاني : ليعلم الخلق أن حجة الله تلزم العباد ، وإن كانوا قد جهلوا إذا كان لتضييع جاء من قبلهم في ترك النظر والتفكر ؛ إذ لو علموا حقيقة العلم أنه الحق لم يكونوا ليدعوا على أنفسهم بالهلاك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.