فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ذَرۡهُمۡ يَأۡكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلۡهِهِمُ ٱلۡأَمَلُۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ} (3)

{ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا } هذا تهديد لهم أي : دعهم عما أنت بصدده من الأمر لهم والنهي ، فهم لا يرعوون أبداً ولا يخرجون من باطل ولا يدخلون في حق ، بل مرهم بما هم فيه من الاشتغال بالأكل والتمتع بزهرة الدنيا ، فإنهم كالأنعام التي لا تهتم إلاّ بذلك ، ولا تشتغل بغيره ، والمعنى : اتركهم على ما هم عليه من الاشتغال بالأكل ونحوه من متاع الدنيا ومن إلهاء الأمل لهم عن اتباعك فسوف يعلمون عاقبة أمرهم وسوء صنيعهم . وفي هذا من التهديد والزجر ما لا يقدر قدره ، يقال : ألهاه كذا أي : شغله ، ولهى هو عن الشيء يلهى ، أي : شغلهم الأمل عن اتباع الحق ، وما زالوا في الآمال الفارغة والتمنيات الباطلة حتى أسفر الصبح لذي عينين ، وانكشف الأمر ورأوا العذاب يوم القيامة ، فعند ذلك يذوقون وبال ما صنعوا . والأفعال الثلاثة مجزومة على أنها جواب الأمر ، وهذه الآية منسوخة بآية السيف .

/خ15