فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِي ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ إِيَّاهُۖ فَلَمَّا نَجَّىٰكُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ أَعۡرَضۡتُمۡۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ كَفُورًا} (67)

{ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر } يعني : خوف الغرق { فِي البحر ضَلَّ مَن تَدْعُونَ } من الآلهة وذهب عن خواطركم ، ولم يوجد لإغاثتكم ما كنتم تدعون من دونه من صنم ، أو جنّ ، أو ملك ، أو بشر { إِلاَّ إِيَّاهُ } وحده فإنكم تعقدون رجاءكم برحمته وإغاثته ، والاستثناء منقطع ، ومعنى الآية : أن الكفار إنما يعتقدون في أصنامهم وسائر معبوداتهم أنها نافعة لهم في غير هذه الحالة ، فأما في هذه الحالة فإن كل واحد منهم يعلم بالفطرة علماً لا يقدر على مدافعته أن الأصنام ونحوها لا فعل لها { فَلَمَّا نجاكم إِلَى البر أَعْرَضْتُمْ } عن الإخلاص لله وتوحيده ورجعتم إلى دعاء أصنامكم والاستغاثة بها { وَكَانَ الإنسان كَفُورًا } أي : كثير الكفران لنعمة الله ، وهو تعليل لما تقدّمه ، والمعنى : أنهم عند الشدائد يتمسكون برحمة الله ، وفي الرخاء يعرضون عنه .

/خ70