{ أَرَأيتَكَ } أي : أخبرني عن هذا الذي فضلته عليّ لم فضلته ؟ وقد { خَلَقْتَنِي مِن نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } [ الأعراف : 12 ] فحذف هذا للعلم به { لأحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ } أي : لأستولينّ عليهم بالإغواء والإضلال . قال الواحدي : أصله من احتناك الجراد الزرع ، وهو أن تستأصله بأحناكها وتفسده ، هذا هو الأصل ، ثم سمي الاستيلاء على الشيء وأخذه كله احتناكاً ؛ وقيل معناه : لأسوقنّهم حيث شئت ، وأقودنّهم حيث أردت ، من قولهم : حنكت الفرس أحنكه حنكاً : إذا جعلت في فيه الرسن ، والمعنى الأوّل أنسب بمعنى هذه الآية ، ومنه قول الشاعر :
أشكو إليك سنة قد أجحفت *** جهدا إلى جهد بنا وأضعفت
واحتنكت أموالنا واختلفت *** . . .
أي : استأصلت أموالنا ، واللام في { لَئِنْ أَخَّرْتَنِ } هي الموطئة ، وإنما أقسم اللعين هذا القسم على أنه سيفعل بذرية آدم ما ذكره لعلم قد سبق إليه من سمع استرقه ، أو قاله لما ظنه من قوة نفوذ كيده في بني آدم ، وأنه يجري منهم في مجاري الدم ، وأنهم بحيث يروج عندهم كيده وتنفق لديهم وسوسته إلاّ من عصم الله ، وهم المرادون بقوله : { إِلاَّ قَلِيلاً } وفي معنى هذا الاستثناء قوله سبحانه : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان } ويؤيد ما ذكرناه قوله تعالى : { وَلَقَدْ صَدقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ } [ سبأ : 20 ] . فإنه يفيد أنه قال ما قاله هنا اعتماداً على الظن ، وقيل : إنه استنبط ذلك من قول الملائكة { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا } [ البقرة : 30 ] ، وقيل : علم ذلك من طبع البشر لما ركب فيهم من الشهوات ، أو ظنّ ذلك لأنه وسوس لآدم ، فقبل منه ذلك ولم يجد له عزماً ، كما روي عن الحسن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.