تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مُوسَىٰٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ مُخۡلَصٗا وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (51)

الآية51 : وقوله تعالى : { واذكر في الكتاب موسى } هو ما ذكرنا في قوله : { واذكر في الكتاب إبراهيم } وقوله : { واذكر في الكتاب مريم } على قول الحسن : صلة قوله : { ذكر رحمة ربك عبده زكريا } [ مريم : 2 ] أي اذكر رحمة ربك موسى .

وعلى قول غيره من أهل التأويل أي اذكر لهم نبأ موسى وقصته في الكتاب ، وهو ما ذكرنا في ما تقدم .

وقوله تعالى : { إنه كان مخلصا } ومخلصا : قد قرئ بالنصب والخفض جميعا . قال بعضهم { مخلصا } أخلصه الله ، واصطفاه ، واختاره لرسالته ونبوته ، وقوله { مخلصا } بالخفض{[12013]} أخلص عبادته وتوحيده له .

وقوله تعالى : { وكان رسولا نبيا } قال بعضهم : الرسول هو الذي ينبئ ، ويخبر عن التأويل . وقال بعضهم : الرسول هو الذي ينزل عليه الوحي والكتاب ، والنبي هو الذي ينبئ لا عن لسانه .

وأصل النبي هو الذي ينبئ عن كل خبر وبركة . وسمي نبيا لاحتمال خصال فيه كالصديق ؛ لا يسمى به إلا بعد اجتماع كل خصال الخير والبركة ما لو انفرد بكل خصلة من تلك الخصال سمي صدقا . فإذا [ اجتمعت تلك ] {[12014]} سمي صديقا .

فعلى ذلك النبي ؛ سمي نبيا لاجتماع خصال ، وهو ما روي في [ خبر الرؤيا ] {[12015]} : ( الرؤيا الصالحة جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة ) [ التمهيد1/281 ، و عند مسلم 2263 ، والبخاري 6989 جزء من ستة وأربعين ] ( والصمت الحسن جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة ) {[12016]} فهذا يدل أن النبي سمي نبيا لاجتماع خصال الخير والبركة فيه كما ذكرنا في الصديق ، والله أعلم .


[12013]:وهي قراءة ابن عامر وابن كثير وغيرهما، انظر معجم القراءات القرآنية ج4/49.
[12014]:في الأصل و م: اجتمع ذلك.
[12015]:في الأصل: الخبر الرؤيا، ساقطة من م.
[12016]:في الموطأ2/954 و955: القصد والتؤدة وحسن السمت جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة.