فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَرَجَعَ مُوسَىٰٓ إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ غَضۡبَٰنَ أَسِفٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَمۡ يَعِدۡكُمۡ رَبُّكُمۡ وَعۡدًا حَسَنًاۚ أَفَطَالَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡعَهۡدُ أَمۡ أَرَدتُّمۡ أَن يَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُم مَّوۡعِدِي} (86)

{ فَرَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِ غضبان أَسِفاً } قيل : وكان الرجوع إلى قومه بعد ما استوفى أربعين يوماً : ذا القعدة ، وعشر ذي الحجة ، والأسف : الشديد الغضب ، وقيل : الحزين ، وقد مضى في الأعراف بيان هذا مستوفى { قَالَ يَا قَوْم أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً } الاستفهام للإنكار التوبيخي ، والوعد الحسن : وعدهم بالجنة إذا أقاموا على طاعته ، ووعدهم أن يسمعهم كلامه في التوراة على لسان موسى ليعملوا بما فيها ، فيستحقوا ثواب عملهم ، وقيل : وعدهم النصر والظفر . وقيل هو قوله : { وَإِنّي لَغَفَّارٌ لمَن تَابَ } الآية . { أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ العهد } الفاء للعطف على مقدّر ، أي أوعدكم ذلك ، فطال عليكم الزمان فنسيتم { أَمْ أَرَدتمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ من رَبّكُمْ } أي يلزمكم وينزل بكم ، والغضب : العقوبة والنقمة . والمعنى : أم أردتم أن تفعلوا فعلاً يكون سبب حلول غضب الله عليكم { فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي } أي : موعدكم إياي ، فالمصدر مضاف إلى المفعول ؛ لأنهم وعدوه أن يقيموا على طاعة الله عزّ وجلّ إلى أن يرجع إليهم من الطور . وقيل : وعدوه أن يأتوا على أثره إلى الميقات .

/خ91