فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِذَا رَأَتۡهُم مِّن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظٗا وَزَفِيرٗا} (12)

{ إِذَا رَأَتْهُمْ مّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } هذه الجملة الشرطية في محل نصب صفة ل { سعيراً } لأنه مؤنث بمعنى النار . قيل معنى { إذا رأتهم } : إذا ظهرت لهم ، فكانت بمرأى الناظر في البعد ، وقيل المعنى : إذا رأتهم خزنتها ، وقيل إن الرؤية منها حقيقية ، وكذلك التغيظ والزفير ، ولا مانع من أن يجعلها الله سبحانه مدركة هذا الإدراك . ومعنى { مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ } أنها رأتهم وهي بعيدة عنهم ، قيل بينها وبينهم مسيرة خمسمائة عام . ومعنى التغيظ : أن لها صوتاً يدل على التغيظ على الكفار ، أو لغليانها صوتاً يشبه صوت المغتاظ . والزفير : هو الصوت الذي يسمع من الجوف . قال الزجاج : المراد سماع ما يدل على الغيظ ، وهو الصوت : أي سمعوا لها صوتاً يشبه صوت المتغيظ . وقال قطرب : أراد علموا لها تغيظاً ، وسمعوا زفيراً كما قال الشاعر :

* متقلداً سيفاً ورمحاً *

أي وحاملاً رمحاً ، وقيل المعنى : سمعوا فيها تغيظاً وزفيراً للمعذبين كما قال : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } [ هود : 106 ] ، وفي واللام متقاربان ، تقول : افعل هذا في الله ولله .

/خ16