فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ رَبُّ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَمَا بَيۡنَهُمَآۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ} (28)

فأجابه موسى عند ذلك بما هو تكميل لجوابه الأوّل ، فقال : { رَبُّ المشرق والمغرب وَمَا بَيْنَهُمَا } ولم يشتغل موسى بدفع ما نسبه إليه من الجنون ، بل بين لفرعون شمول ربوبية الله سبحانه للمشرق والمغرب وما بينهما ، وإن كان ذلك داخلاً تحت ربوبيته سبحانه للسماوات والأرض وما بينهما ، لكن فيه تصريح بإسناد حركات السماوات وما فيها ، وتغيير أحوالها وأوضاعها ، تارة بالنور وتارة بالظلمة إلى الله سبحانه ، وتثنية الضمير في : { وَمَا بَيْنَهُمَا } الأوّل لجنسي السموات والأرض كما في قول الشاعر :

تنقلت في أشرف التنقل *** بين رماحي نهشل ومالك

{ إِنْ كُنتُمْ تَعْقِلُونَ } أي شيئاً من الأشياء ، أو إن كنتم من أهل العقل : أي إن كنت يا فرعون ، ومن معك من العقلاء عرفت ، وعرفوا أنه لا جواب لسؤالك إلاّ ما ذكرت لك . ثم إن اللعين لما انقطع عن الحجة رجع إلى الاستعلاء والتغلب ، فقال : { قال لَئِنِ اتخذت إلها غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المسجونين } .