فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{طسٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الشعراء

وآياتها مائتان ، وسبع وعشرون آية وهي مكية عند الجهمور ، وكذا أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير . وأخرج النحاس عن ابن عباس قال : سورة الشعراء أنزلت بمكة سوى خمس آيات من آخرها نزلت بالمدينة ، وهي { والشعراء يتبعهم الغاوون } إلى آخرها . وأخرج القرطبي في تفسيره عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن الله أعطاني السبع الطوال مكان التوراة ، وأعطاني المئين مكان الإنجيل ، وأعطاني الطواسين مكان الزبور ، وفضلني بالحواميم والمفصل ما قرأهن نبي قبلي » . و أخرج أيضاً عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أعطيت السورة التي تذكر فيها البقرة من الذكر الأول ، وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم سورة البقرة من تحت العرش ، وأعطيت المفصل نافلة » . قال ابن كثير في تفسيره : ووقع في تفسير مالك المروي عنه تسميتها بسورة الجمعة .

قوله : { طسم } قرأ الأعمش ويحيى بن وثاب وأبو بكر والمفضل وحمزة والكسائي ، وخلف بإمالة الطاء ، وقرأ نافع وأبو جعفر وشيبة والزهري بين اللفظين ، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم ، وقرأ الباقون بالفتح مشبعاً . وقرأ المدنيون وأبو عمرو وعاصم والكسائي بإدغام النون من «طاسن » في الميم وقرأ الأعمش وحمزة بإظهارها . قال الثعلبي : الإدغام اختيار أبي عبيد ، وأبي حاتم . قال النحاس : وحكى الزجاج في كتابه : " فيما يجري وما لا يجري " أنه يجوز أن يقال : «طاسين ميم » بفتح النون وضم الميم كما يقال : هذا معدى كرب . وقرأ عيسى ويروى عن نافع بكسر الميم على البناء . وفي مصحف عبد الله بن مسعود " ط س م " هكذا حروفاً مقطعة ، فيوقف على كل حرف وقفة يتميز بها عن غيره ، وكذلك قرأ أبو جعفر ، ومحله الرفع على الابتداء إن كان اسماً للسورة كما ذهب إليه الأكثر ، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف ، ويجوز أن يكون في محل نصب بتقدير : اذكر أو اقرأ . وأما إذا كان مسروداً على نمط التعديد كما تقدّم في غير موضع من هذا التفسير ، فلا محلّ له من الإعراب . وقد قيل إنه اسم من أسماء الله سبحانه ، وقيل اسم من أسماء القرآن .