فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦ يُرِيكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفٗا وَطَمَعٗا وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَيُحۡيِۦ بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَآۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (24)

{ وَمِنْ ءاياته يُرِيكُمُ البرق خَوْفاً وَطَمَعاً } المعنى : أن يريكم ، فحذف " أن " لدلالة الكلام عليه كما قال طرفة :

ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى *** وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي ؟

والتقدير : أن أحضر ، فلما حذف الحرف في الآية والبيت بطل عمله ، ومنه المثل المشهور : " تسمع بالمعيدي خير من أن تراه " وقيل : هو على التقديم ، والتأخير ، أي ويريكم البرق من آياته ، فيكون من عطف جملة فعلية على جملة إسمية ، ويجوز أن يكون { يريكم } صفة لموصوف محذوف ، أي ومن آياته آية يريكم بها ، وفيها البرق ، وقيل : التقدير ، ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً من آياته . قال الزجاج : فيكون من عطف جملة على جملة . قال قتادة : خوفاً للمسافر ، وطمعاً للمقيم . وقال الضحاك : خوفاً من الصواعق ، وطمعاً في الغيث . وقال يحيى بن سلام : خوفاً من البرد أن يهلك الزرع ، وطمعاً في المطر أن يحيي الزرع . وقال ابن بحر : خوفاً أن يكون البرق برقاً خلباً لا يمطر ، وطمعاً أن يكون ممطراً ، وأنشد :

لا يكن برقك برقاً خلبا *** إن خير البرق ما الغيث معه

وانتصاب { خوفاً } و { طمعاً } على العلة { وَيُنَزّلُ مِنَ السماء مَاء فَيُحْىِ بِهِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا } أي يحييها بالنبات بعد موتها باليباس { إِنَّ فِي ذلك لآيات لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } فإن من له نصيب من العقل يعلم أن ذلك آية يستدلّ بها على القدرة الباهرة .

/خ27