فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنَّكَ تَرَى ٱلۡأَرۡضَ خَٰشِعَةٗ فَإِذَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهَا ٱلۡمَآءَ ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡۚ إِنَّ ٱلَّذِيٓ أَحۡيَاهَا لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰٓۚ إِنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (39)

{ وَمِنْ ءاياته أَنَّكَ تَرَى الأرض خاشعة } الخطاب هنا لكل من يصلح له ، أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، والخاشعة : اليابسة الجدبة . وقيل : الغبراء التي لا تنبت . قال الأزهري : إذا يبست الأرض ، ولم تمطر قيل : قد خشعت { فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الماء اهتزت وَرَبَتْ } أي ماء المطر ، ومعنى اهتزت : تحركت بالنبات يقال : اهتزّ الإنسان : إذا تحرك ، ومنه قول الشاعر :

تراه كنصل السيف يهتزّ للندى *** إذا لم تجد عند امرئ السوء مطعما

ومعنى { ربت } : انتفخت وعلت قبل أن تنبت : قاله مجاهد وغيره ، وعلى هذا ففي الكلام تقديم وتأخير ، وتقديره : ربت ، واهتزّت . وقيل : الاهتزاز ، والربو قد يكونان قبل خروج النبات ، وقد يكونان بعده ، ومعنى الربو لغة : الارتفاع ، كما يقال للموضع المرتفع : ربوة ورابية ، وقد تقدّم تفسير هذه الآية مستوفى في سورة الحج . وقيل : اهتزت استبشرت بالمطر ، وربت انتفخت بالنبات . وقرأ أبو جعفر ، وخالد : ( وربأت ) . { إِنَّ الذي أحياها لَمُحْي الموتى } بالبعث والنشور { إِنَّهُ على كُلّ شَيء قَدِيرٌ } لا يعجزه شيء كائناً ما كان .