ثم أخبر سبحانه : أن علم القيامة ، ووقت قيامها لا يعلمه غيره ، فقال : { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعة } ، فإذا وقع السؤال عنها وجب على المسؤول أن يردّ علمها إليه لا إلى غيره ، وقد روي أن المشركين قالوا : يا محمد إن كنت نبياً ، فخبرنا متى تقوم الساعة ؟ فنزلت . و{ ما } في قوله : { وَمَا تَخْرُجُ مِن ثمرات مّنْ أَكْمَامِهَا } نافية ، و { من } الأولى للاستغراق ، و{ من } الثانية لابتداء الغاية . وقيل : هي موصولة في محلّ جرّ عطفاً على الساعة ، أي علم الساعة ، وعلم التي تخرج ، والأوّل أولى . والأكمام جمع كمّ بكسر الكاف ، وهو وعاء الثمرة ، ويطلق على كل ظرف لمال أو غيره . قال أبو عبيدة : أكمامها أوعيتها ، وهي ما كانت فيه الثمرة ، واحدها كمّ ، وكمة . قال الراغب : الكمّ ما يغطي اليد من القميص ، وما يغطي الثمرة ، وجمعه أكمام ، وهذا يدلّ على أن الكمّ بضمّ الكاف ، لأنه جعله مشتركاً بين كمّ القميص ، وكمّ الثمرة ، ولا خلاف في كمّ القميص أنه بالضمّ . ويمكن أن يقال : إن في الكمّ الذي هو وعاء الثمر لغتين . وقرأ الجمهور " من ثمرة " بالإفراد ، وقرأ نافع ، وابن عامر ، وحفص بالجمع { وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } أي ما تحمل أنثى حملاً في بطنها ، ولا تضع ذلك الحمل إلاّ بعلم الله سبحانه ، والاستثناء مفرغ من أعمّ الأحوال أي : ما يحدث شيء من خروج ثمرة ، ولا حمل حامل ، ولا وضع واضع في حال من الأحوال إلاّ كائناً بعلم الله ، فإليه يردّ علم الساعة كما إليه يرد علم هذه الأمور { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ } أي ينادي الله سبحانه المشركين ، وذلك يوم القيامة ، فيقول لهم : { أَيْنَ شُرَكَائِيَ } الذين كنتم تزعمون أنهم شركائي في الدنيا من الأصنام وغيرها ، فادعوهم الآن ، فليشفعوا لكم ، أو يدفعوا عنكم العذاب ، وهذا على طريقة التهكم بهم .
قرأ الجمهور : { شركائي } بسكون الياء ، وقرأ ابن كثير بفتحها ، والعامل في يوم محذوف ، أي اذكر { قَالُواْ ءاذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } يقال : آذن يأذن : إذا أعلم ، ومنه قول الشاعر :
آذنتنا ببينها أسماء *** ربّ ثاو يمل منه الثواء
والمعنى : أعلمناك ما منا أحد يشهد بأن لك شريكاً ، وذلك أنهم لما عاينوا القيامة تبرءوا من الشركاء ، وتبرّأت منهم تلك الأصنام التي كانوا يعبدونها . وقيل : إن القائل بهذا هي المعبودات التي كانوا يعبدونها ، أي ما منا من شهيد يشهد لهم بأنهم كانوا محقين ، والأوّل أولى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.