فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡۖ وَلِلۡكَٰفِرِينَ أَمۡثَٰلُهَا} (10)

ثم خوّف سبحانه الكفار ، وأرشدهم إلى الاعتبار بحال من قبلهم ، فقال : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض } أي ألم يسيروا في أرض عاد وثمود وقوم لوط وغيرهم ليعتبروا { فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين مِن قَبْلِهِمْ } أي آخر أمر الكافرين قبلهم ، فإن آثار العذاب في ديارهم باقية .

ثم بيّن سبحانه ما صنع بمن قبلهم فقال : { دَمَّرَ الله عَلَيْهِمْ } والجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر ، والتدمير : الإهلاك ، أي أهلكهم واستأصلهم ، يقال : دمّره ودمر عليه بمعنى . ثم توعد مشركي مكة فقال : { وللكافرين أمثالها } أي لهؤلاء الكافرين أمثال عاقبة من قبلهم من الأمم الكافرة . قال الزجاج وابن جرير : الضمير في { أمثالها } يرجع إلى { عاقبة الذين من قبلهم } ، وإنما جمع لأن العواقب متعدّدة بحسب تعدّد الأمم المعذبة ، وقيل : أمثال العقوبة ، وقيل : الهلكة ، وقيل : التدميرة ، والأوّل أولى لرجوع الضمير إلى ما هو مذكور قبله .

/خ12