فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡۖ وَلِلۡكَٰفِرِينَ أَمۡثَٰلُهَا} (10)

ثم خوف سبحانه الكفار وأرشدهم إلى الاعتبار بحال من قبلهم فقال :

{ أفلم يسيروا في الأرض ؟ } أي في أرض عاد وثمود وقوم لوط وغيرهم ليعتبروا { فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } أي : آخر أمر الكافرين قبلهم ، فإن آثار العذاب في ديارهم باقية ، ثم بين سبحانه ما صنع بمن قبلهم فقال { دمر الله عليهم } التدمير الإهلاك ، أي : أهلكهم واستأصلهم يقال دمره ودمر عليه بمعنى ، والثاني أبلغ لما فيه من العموم ، أي أهلك ما يختص به من المال والنفس ونحوها والإتيان بعلى لتضمينه معنى أطبق عليهم أي أوقعه عليهم محيطا بهم ، والجملة مستأنفة جواب سؤال مقدر ، ثم توعد مشركي مكة فقال : { وللكافرين } أي السائرين بسيرة من قبلهم من الكفار { أمثالهم } قال ابن عباس : يعني لكفار قومك يا محمد صلى الله عليه وسلم ، مثل ما دمرت به القرى فأهلكوا بالسيف ، قال الزجاج وابن جرير : الضمير راجع إلى عاقبة الذين من قبلهم من الأمم الكافرة ، وإنما جمع لأن العواقب متعددة بحسب تعدد الأمم المعذبة ، وقبل أمثال العقوبة أو الهلكة أو التدمير والأولى أولى ؛ لرجوع الضمير إلى ما هو مذكور قبله مع صحة معناه .