فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مَّنَّاعٖ لِّلۡخَيۡرِ مُعۡتَدٖ مُّرِيبٍ} (25)

{ مَّنَّاعٍ لّلْخَيْرِ } لا يبذل خيراً { مُعْتَدٍ } ظالم لا يقرّ بتوحيد الله { مُرِيبٍ } شاكّ في الحق ، من قولهم أراب الرجل : إذا صار ذا ريب . وقيل : هو خطاب للملكين من خزنة النار . وقيل : هو خطاب لواحد على تنزيل تثنية الفاعل منزلة تثنية الفعل وتكريره . قال الخليل والأخفش : هذا كلام العرب الصحيح أن يخاطب الواحد بلفظ الاثنين يقولون : ارحلاها وازجراها ، وخذاه وأطلقاه للواحد . قال الفراء : العرب تقول للواحد : قوما عنَّا . وأصل ذلك أن أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه ورفقته في سفره اثنان : فجرى كلام الرجل للواحد على ذلك ، ومنه قولهم للواحد في الشعر : خليليّ ، كما قال امرؤ القيس :

خليلي مرّا بي على أم جندب *** نقض لبانات الفؤاد المعذب

وقوله :

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل *** بسقط اللوى بين الدخول فحومل

وقول الآخر :

فإن تزجراني يابن عفان أنزجر *** وإن تدعواني أحم عرضاً ممنعا

قال المازني : قوله : { أَلْقِيَا } يدل على ألق ألق . قال المبرد : هي تثنية على التوكيد ، فناب ألقيا مناب ألق ألق . قال مجاهد وعكرمة : العنيد : المعاند للحق ، وقيل : المعرض عن الحق ، يقال : عند يعند بالكسر عنوداً : إذا خالف الحق .

/خ35