فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الصف

هي أربع عشرة آية وهي مدنية . قال الماوردي : في قول الجميع . وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة الصف بالمدينة . وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله . وأخرج النحاس عن ابن عباس قال : نزلت سورة الصفّ بمكة ، ولعل هذا لا يصح عنه ويؤيد كونها مدنية ما أخرجه أحمد عن عبد الله بن سلام قال : تذاكرنا أيكم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسأله أي الأعمال أحبّ إلى الله ؟ فلم يقم أحد منا ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا رجلاً رجلاً فجمعنا ، فقرأ علينا هذه السورة يعني سورة الصف كلها ، وأخرجه ابن أبي حاتم ، وقال في آخره : فنزلت فيهم هذه السورة . وأخرجه أيضاً الترمذي وابن حبان والحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين والبيهقي في الشعب والسنن .

قوله : { سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض } قد تقدّم الكلام على هذا ووجه التعبير في بعض السور بلفظ الماضي كهذه السورة ، وفي بعضها بلفظ المضارع ، وفي بعضها بلفظ الأمر الإرشاد إلى مشروعية التسبيح في كل الأوقات ماضيها ومستقبلها وحالها ، وقد قدّمنا نحو هذا في أوّل سورة الحديد { وَهُوَ العزيز الحكيم } : أي الغالب الذي لا يغالب : الحكيم في أفعاله وأقواله .