فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{سَآءَ مَثَلًا ٱلۡقَوۡمُ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَأَنفُسَهُمۡ كَانُواْ يَظۡلِمُونَ} (177)

قوله : { سَاء مَثَلاً القوم الذين كَذَّبُواْ بآياتنا } هذه الجملة متضمنة لبيان حال هؤلاء القوم البالغة في القبح إلى الغاية : يقال ساء الشيء قبح ، فهو لازم ، وساءه يسوؤه مساءة : فهو متعد وهو من أفعال الذم : كبئس ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، ومثلاً تمييز مفسر له ، والمخصوص بالذم هو الذين كذبوا بآياتنا ، ولا بدّ من تقدير مضاف محذوف لأجل المطابقة أي : ساء مثلاً مثل القوم الذين كذبوا .

وقال الأخفش : جعل المثل القوم مجازاً ، والقوم مرفوع بالابتداء أو على إضمار مبتدأ ، التقدير : ساء المثل مثلاً هو مثل القوم ، كذا قال . وقدره أبو علي الفارسي : ساء مثلاً مثل القوم كما قدّمنا . وقرأ الجحدري والأعمش { سَاء مَثَلُ القوم } . قوله : { وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ } أي : ما ظلموا بالتكذيب إلا أنفسهم ، لا يتعداها ظلمهم إلى غيرها ولا يتجاوزها . والجملة معطوفة على التي قبلها على معنى أنهم جمعوا بين التكذيب بآيات الله وظلم أنفسهم .

/خ178