تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَأۡتِينَا ٱلسَّاعَةُۖ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأۡتِيَنَّكُمۡ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِۖ لَا يَعۡزُبُ عَنۡهُ مِثۡقَالُ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَآ أَصۡغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرُ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ} (3)

{ وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينهم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذالك ولا أكبر إلا في كتاب مبين( 3 ) ليجزي الذين ءامنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم( 4 ) والذين سعوا في ءاياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم( 5 ) ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد( 6 ) }

المفردات :

لا تأتينا الساعة : أي القيامة .

بلى : حرف جواب يأتي بعد النفي للإثبات .

يعزب : يبعد أو يغيب .

مثقال ذرة : وزن ذرة أصغر نملة أو هباءة .

ولا أصغر من ذلك : أصغر من الذرة ولا أكبر منها .

كتاب مبين : اللوح المحفوظ .

التفسير :

{ وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين } .

أنكر كفار مكة قيام الساعة ، وقالوا ما هي إلا أرحام تدفع وأرض تبلع ، وما يهلكنا إلا الدهر فليس هناك بعث ولا حشر ولا حساب ولا جزاء .

{ قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض . . . }

أي قل لهم يا محمد سيقع ما تنكرونه وأقسم على ذلك بالله الذي يعلم كل شيء ولا يغيب عنه علم أصغر نملة أو هباءة كائنة في السماوات ولا في الأرض فقد أحاط علمه بكل شيء كبيرا كان أو صغيرا ومن باب أولى أن يحيط عمله بكل إنسان وبجميع أجزاء جسمه بعد موته فقد أحاط سبحانه بكل شيء علما ولا أصغر من الذرة ولا أكبر منها إلا سجل في اللوح المحفوظ عند علام الغيوب .

لطيفة أولى :

كان العالم يعتقد أن الذرة هي أصغر شيء فأشار القرآن على أن هناك ما هو أصغر منها وما هو أكبر وذلك منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام .

لطيفة ثانية :

هذه الآية إحدى آيات ثلاث أمر الله فيها رسوله أن يقسم بربه العظيم على وقوع الميعاد والبعث .

الأولى في سورة يونس : { ويسئلونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين } . ( يونس : 53 ) .

والثانية في هذه الآية : { وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم } . ( سبأ : 3 ) .

والثالثة : في سورة التغابن : { زعم الذي كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير } . ( التغابن : 7 ) .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَأۡتِينَا ٱلسَّاعَةُۖ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأۡتِيَنَّكُمۡ عَٰلِمِ ٱلۡغَيۡبِۖ لَا يَعۡزُبُ عَنۡهُ مِثۡقَالُ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَآ أَصۡغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَآ أَكۡبَرُ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مُّبِينٖ} (3)

قوله تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ( 3 ) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ( 4 ) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ( 5 ) وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } .

جحد المشركون نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وكذبوا بما جاءهم به من خبر الساعة فتولوا مدبرين مكابرين ، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يؤكد لهم حالفا يمينه الغليظ بالله أن الساعة آتية لا ريب فيها وهو قوله سبحانه : { قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ } وهذا قسم كريم من رسول صدوق كريم ، سيد الأولين والآخرين ، وإمام المتقين في الدنيا والآخرة ، وفي ذلك التأكيد الجازم ما يحمل الذهن والقلب على التصديق والاستيقان دون تردد .

قوله : { عَالِمِ الْغَيْبِ } { عالم } ، صفة لربي أو بدل منه{[3782]} أي أن الإخبار عن حقيقة الساعة وأنها آتية لا محالة ، جاء من عند الله علام الغيوب وهو سبحانه { لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ } الله محيط علمه بكل شيء وهو سبحانه لا يغيب عن علمه زنة نملة صغيرة تسبح في السماوات أو تدب في الأرض .

قوله : { وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ } أي لا يغيب عن علم الله ما كانت زنته النملة الصغيرة أو دونها أو أكبر منها { إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } أيما شيء مهما صغرت زنته إلا هو مسطور علمه في اللوح المحفوظ .


[3782]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 274.