تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{۞قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلۡمُعَوِّقِينَ مِنكُمۡ وَٱلۡقَآئِلِينَ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ هَلُمَّ إِلَيۡنَاۖ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلۡبَأۡسَ إِلَّا قَلِيلًا} (18)

{ قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا( 18 ) أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فاحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا( 19 ) يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قتلوا إلا قليلا( 20 ) }

المفردات :

المعوقين : المثبطين عن القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

هلم إلينا : أقبلوا إلينا .

البأس : الحرب والقتال وأصل معناه الشدة .

التفسير :

{ قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا }

ترسم هذه الآية والآيتان بعدها صورة زرية للمنافقين الذين اشتد جبنهم وهلعهم وخوفهم وفي آيات سابقة ذكر القرآن تعللهم بالحجج الباطلة وقولهم : إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا . ( الأحزاب : 13 ) وأنهم لا ثبات لهم ولا بطولة ولا صبر في المعارك .

وهنا يتوعدهم القرآن بأن الله عالم بهم مطلع على رذائلهم فهم مثبطون مخذلون في صفوف الجماعة المسلمة ، وهم دعاة إلى النكوص عن الجهاد حيث كان بعض المنافقين يرسلون إلى إخوانهم المنضمين إلى كتيبة الجهاد فيقولون لهم : هلموا فانضموا إلينا في القعود والتخلف ثم هم لا يشتركون في الحرب إلا اشتراكا قليلا ، حتى يراهم الناس ثم يتسللون في خفية ويهربون فرادى .

قال قتادة : كان المنافقون يقولون لإخوانهم من ساكني المدينة من الأنصار : ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس ( يريدون أنهم قليلو العدد ) ولو كانوا لحما لالتهمهم أبو سفيان وأصحابه فدعوه فإنه هالك .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلۡمُعَوِّقِينَ مِنكُمۡ وَٱلۡقَآئِلِينَ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ هَلُمَّ إِلَيۡنَاۖ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلۡبَأۡسَ إِلَّا قَلِيلًا} (18)

قوله تعالى : { قد يعلم الله المعوقين منكم } أي : المثبطين للناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { والقائلين لإخوانهم هلم إلينا } أي : ارجعوا إلينا ، ودعوا محمداً ، فلا تشهدوا الحرب ، فإنا نخاف عليكم الهلاك . قال قتادة : هؤلاء ناس من المنافقين ، كانوا يثبطون أنصار النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقولون لإخوانهم : ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس ، ولو كانوا لحماً لالتهمهم ، أي : ابتلعهم أبو سفيان وأصحابه ، دعوا الرجل فإنه هالك . وقال مقاتل : نزلت في المنافقين ، وذلك أن اليهود أرسلت إلى المنافقين ، وقالوا : ما الذي يحملكم على قتل أنفسكم بيد أبي سفيان ومن معه ، فإنهم إن قدروا عليكم في هذه المرة لم يستبقوا منكم أحداً ، وإنا نشفق عليكم ، أنتم إخواننا وجيراننا هلموا إلينا ، فأقبل عبد الله بن أبي وأصحابه على المؤمنين يعوقونهم ويخوفونهم بأبي سفيان ومن معه ، وقالوا : لئن قدروا عليكم لم يستبقوا منكم أحداً ما ترجون من محمد ؟ ما عنده خير ، ما هو إلا أن يقتلنا ها هنا ، انطلقوا بنا إلى إخواننا ، يعني اليهود ، فلم يزدد المؤمنون بقول المنافقين إلا إيماناً واحتساباً . قوله عز وجل : { ولا يأتون البأس } الحرب { إلا قليلا } رياء وسمعة من غير احتساب ، ولو كان ذلك القليل لله لكان كثيراً .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلۡمُعَوِّقِينَ مِنكُمۡ وَٱلۡقَآئِلِينَ لِإِخۡوَٰنِهِمۡ هَلُمَّ إِلَيۡنَاۖ وَلَا يَأۡتُونَ ٱلۡبَأۡسَ إِلَّا قَلِيلًا} (18)

ولما أخبرهم سبحانه بما علم مما أوقعوه من أسرارهم ، وأمره صلى الله عليه وسلم بوعظهم ، حذرهم بدوام علمه لمن يخون منهم{[55267]} ، فقال محققاً مقرباً من الماضي ومؤذناً بدوام هذا الوصف له{[55268]} : { قد يعلم } ولعله{[55269]} عبر ب " قد " التي ربما أفهمت في هذه العبارة التقليل ، إشارة إلى أنه يكفي من له أدنى عقل في الخوف{[55270]} من سطوة المتهدد {[55271]}احتمال علمه{[55272]} ، وعبر بالاسم الأعظم فقال : { الله } إشارة إلى إحاطة الجلال والجمال { المعوقين } أي المثبطين{[55273]} تثبيط تكرية وعقوق ، يسرعون فيه إسراع الواقع بغير اختياره { منكم } أي أيها الذين أقروا بالإيمان للناس قاطبة عن إتيان حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم { والقائلين لإخوانهم هلم } أي ائتوا وأقبلوا { إلينا } موهمين أن ناحيتهم مما يقام فيه القتال ، ويواظب على صالح الأعمال { ولا } أي والحال أنهم لا { يأتون البأس } أي الحرب أو مكانها { إلا قليلاً } للرياء والسمعة بقدر ما يراهم المخلصون ، فإذا اشتغلوا بالمعاركة وكفى {[55274]}كل منهم{[55275]} ما إليه تسللوا عنهم لواذاً ، وعاذوا بمن لا ينفعهم من الخلق عياذاً .


[55267]:في ظ: منكم.
[55268]:سقط من ظ.
[55269]:زيد في ظ: قد.
[55270]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الوصف.
[55271]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: احتمال عقله.
[55272]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: احتمال عقله.
[55273]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: المتبطئين.
[55274]:في ظ: كلهم.
[55275]:في ظ: كلهم.