آنية : صحاف أو أواني الطعام ، جمع إناء .
أكواب : جمع كوب ، وهو قدح لا عروة له ولا خرطوم .
قوارير : جمع قارورة ، وهي إناء رقيق من الزجاج ، توضع فيه الأشربة .
قدّروها : جعلوا شرابها على قدر الريّ .
15 ، 16- ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير* قوارير من فضة قدّروها تقديرا .
هذه ألوان من النعيم ، وألطاف من الرب الكريم ، فيطوف الخدم عليهم بأوان من فضة ، وأكواب لا عرى لها ولا خراطيم ، ولا مثيل لها في الدنيا ، لأن الأكواب في الدنيا إما أن تكون من فضة ، وإما أن تكون من زجاج ، أما الأكواب في الجنة فمادتها من الفضة ، ومع ذلك فهي في شفافية ( القوارير ) أي الزجاج ، بحيث يرى باطنها من ظاهرها ، وظاهرها من باطنها ، وقد قدّر الشراب والكوب على قدر حاجتهم ، لا يزيد عنها ولا ينقص ، وهذا ألذّ لهم ، أو قدّر الخدم الطائفون عليهم الأكواب والشراب على قدر حاجة أهل الجنة ، بدون زيادة أو نقصان ، أو قدر الله تعالى لهم ذلك بتقديره ، فهو الذي يقول للشيء كن فيكون .
قدّروها تقديرا . أتوا بها على قدر الحاجة ، لا يفضلون شيئا ، ولا يشتهون بعدها شيئا .
{ ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا . قوارير من فضة } قال المفسرون : أراد بياض الفضة في صفاء القوارير ، فهي من فضة في صفاء الزجاج ، يرى ما في داخلها من خارجها . قال الكلبي : إن الله جعل قوارير كل قوم من تراب أرضهم ، وإن أرض الجنة من فضة ، فجعل منها قوارير يشربون فيها ، { قدروها تقديراً } قدروا الكأس على قدر ريهم لا يزيد ولا ينقص ، أي قدرها لهم السقاة والخدم الذين يطوفون عليهم يقدرونها ثم يسقون .
" قوارير من فضة " أي في صفاء القوارير وبياض الفضة ، فصفاؤها صفاء الزجاج وهي من فضة . وقيل : أرض الجنة من فضة ، والأواني تتخذ من تربة الأرض التي هي منها . ذكره ابن عباس وقال : ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه ، إلا القوارير من فضة . وقال : لو أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى تجعلها مثل جناح الذباب لم تر من ورائها الماء ، ولكن قوارير الجنة مثل الفضة{[15687]} في صفاء القوارير . " قدروها تقديرا " قراءة العامة بفتح القاف والدال ، أي قدرها لهم السقاة الذين يطوفون بها عليهم . قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما : أتوا بها على قدر ريهم ، بغير زيادة ولا نقصان . الكلبى : وذلك ألذ وأشهى ، والمعنى : قدرتها الملائكة التي تطوف عليهم . وعن ابن عباس أيضا : قدروها على ملء الكف لا تزيد ولا تنقص ، حتى لا تؤذيهم بثقل أو بإفراط صغر . وقيل : إن الشاربين قدروا لها مقادير في أنفسهم على ما اشتهوا وقدروا . وقرأ عبيد بن عمير والشعبي وابن سيرين " قدروها " بضم القاف وكسر الدال ، أي جعلت لهم على قدر إرادتهم . وذكر هذه القراءة المهدوي عن علي وابن عباس رضي الله عنهما ، وقال : ومن قرأ " قدروها " فهو راجع إلى معنى القراءة الأخرى ، وكأن الأصل قدروا عليها فحذف الجر ، والمعنى قدرت عليهم ، وأنشد سيبويه{[15688]} :
آليتُ حَبَّ العراق الدَّهْرَ آكُلُهُ *** والحَبُّ يأكله في القرية السُّوسُ
وذهب إلى أن المعنى على حب العراق . وقيل : هذا التقدير هو أن الأقداح تطير فتغترف بمقدار شهوة الشارب ، وذلك قوله تعالى : " قدروها تقديرا " أي لا يفضل عن الري لا ينقص منه ، فقد ألهمت الأقداح معرفة مقدار ري المشتهى حتى تغترف بذلك المقدار . ذكر هذا القول الترمذي الحكيم في " نوادر الأصول " .
ولما كان هذا رأس آية ، وكان التعبير بالقارورة ربما أفهم {[70663]}أو أوهم{[70664]} أنها من الزجاج ، وكان في الزجاج من النقص سرعة الانكسار لإفراط الصلابة ، قال معيداً للفظ أول الآية الثانية ، تأكيداً للاتصاف بالصالح من أوصاف الزجاج وبياناً لنوعها : { قواريراً من فضة } أي فجمعت صفتي الجوهرين المتباينين : صفاء الزجاج وشفوفه{[70665]} وبريقه وبياض الفضة وشرفها ولينها ، وقراءة من نوّن الاثنين صارفاً ما من حقه المنع مشيرة إلى عظمتها وامتداد {[70666]}كثرتها وعلوها{[70667]} في الفضل والشرف ، وقراءة ابن كثير في الاقتصار على تنوين الأول للتنبيه على أنه رأس آية والثاني أول{[70668]} التي بعدها مع إفهام العظمة لأن الثاني إعادة للأول لما تقدم من الإفادة ، فكأنه منون ، ووقف أبو عمرو{[70669]} على الأول بالألف مع المنع من الصرف لأن ذلك كاف في الدلالة على أنه {[70670]}رأس آية{[70671]} .
ولما كان الإنسان لا يحب أن يكون الإناء ولا ما فيه من مأكول أو مشروب زائداً عن حاجته ولا ناقصاً عنها قال : { قدروها } أي في الذات والصفات { تقديراً * } أي على مقادير الاحتياج من غير زيادة ولا نقص لأن ما{[70672]} أراد كل منهم كان ، لا كلفة ولا كدر ولا نقص .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.