{ يأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا( 28 ) وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما( 29 ) يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا( 30 ) }
زينة الدنيا : زخرفها ونعيمها والسعة فيها .
فتعالين : أقبلن بإرادتكن واختياركن .
أمتعكن : أي أعطكن متعة الطلاق وهي قميص وغطاء للرأس ومحلفة ملاءة- بحسب السعة والإقتار .
سراحا جميلا : طلاقا من غير ضرار ولا مخاصمة ولا مشاجرة .
{ يأيها النبيء قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا }
جاء هذا التخيير من الله تعالى حيث أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخير نساءه بين أمرين زينة الدنيا ومالها ومتاعها من الثياب والفراش والمال وهذا ممكن بعد المتعة والطلاق أو الحياة في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم راغبات في التزام أمر الله وشرعه وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإيثار الآخرة وجزاء ذلك الأجر العظيم والجزاء الجزيل وقد خير الرسول صلى الله عليه وسلم نساءه وكن تسع نسوة فاخترن جميعا الله ورسوله والدار الآخرة فعوضهن الله أن جعلهن أمهات المؤمنين وحرم على النبي صلى الله عليه وسلم تطليقهن وأمره ألا يتزوج عليهن .
1- من اختارت الطلاق فلها المتعة ، وهي كسوة للمطلقة حسب حالة الزوج قال تعالى : ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين . ( البقرة : 236 ) .
2- السراح الجميل هو الطلاق مع الإحسان بلا شكاية ولا إيذاء بل بتقديم مؤخر الصداق والمكارمة وترضية المطلقة بالمال والمجاملة ، لأنها كانت تأمل أن تعيش في كنف زوجها وأولى بالمسلمين أن يفعلوا ذلك مع المطلقات قال تعالى : فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان . ( البقرة : 229 ) ونرجو أن نخفف من ويلات الطلاق وان يكرم الرجال النساء بإغداق الأموال والتعويض والمكارمة ، وإذا علمنا أن القضاء الأمريكي يعطي للمطلقة نصف الأموال التي اكتسبها زوجها تعويضا لها فأولى بنا أن نكرم المطلقة امتثالا لأمر الله في سراح جميل وتسريح بإحسان .
يا أيها النبي خير زوجاتك بين أمرين :
الأول : الطلاق ولهن عندئذ المتعة وهي الكسوة والتسريح أي والطلاق ، سراحا جميلا ، فراقا حسنا بلا مشادة بل فيه مكارمة ودفع التعويض والترضية المناسبة .
ولما تقرر بهذه الوقائع - التي نصر{[55444]} فيها سبحانه وحده بأسباب باطنه سببها ، وأمور خفية رتبها ، تعجز عنها الجيوش المتخيرة المستكثرة ، والملوك المتجبرة{[55445]} المستكبرة - ما قدم من أنه كافي من توكل عليه ، وأقبل بكليته إليه ، وختم بصفة القدرة العامة الدائمة ، تحرر{[55446]} أنه قادر على كل ما يريده ، وأنه لو شاء أجرى مع وليه كنوز الأرض ، وأنه لا يجوز لأحد أن يراعي غيره ولا أن{[55447]} يرمق بوجه ما سواه ، وعلم أن من أقبل إلى هذا الدين فإنما نفع نفسه والفضل لصاحب الدين عليه ، ومن أعرض عنه{[55448]} فإنما وبال إعراضه على نفسه ، ولا ضرر على الدين بإعراض هذا المعرض ، كما أنه لا نفع له{[55449]} بإقبال ذلك{[55450]} المقبل ، وكان قد قضى سبحانه أن من انقطع إليه حماه من الدنيا إكراماً له ورفعاً لمنزلته عن خسيسها إلى نفيس ما عنده ، لأن كل أمرها إلى {[55451]}زوال وتلاش{[55452]} واضمحلال ، ولا يعلق{[55453]} همته بذلك إلا قاصر ضال ، فأخذ سبحانه يأمر أحب الخلق إليه ، وأعزهم منزلة لديه ، المعلوم امتثاله للأمر بالتوكل والإعراض عن كل ما سواه سبحانه{[55454]} وأنه لا يختار من الدنيا غير الكفاف ، والقناعة والعفاف ، بتخيير ألصق{[55455]} الناس به تأديباً لكافة الناس ، فقال على طريق الاستنتاج مما تقدم : { يا أيها النبي } ذاكراً صفة رفعته واتصاله به سبحانه والإعلام بأسرار القلوب ، وخفايا الغيوب ، المقتضية لأن يفرغ فكره لما يتلقاه من المعارف ، ولا يعاق{[55456]} عن شيء من ذلك بشيء من أذى : { قل لأزواجك } أي نسائك : { إن كنتن } أي كوناً راسخاً { تردن } أي اختياراً عليّ { الحياة } ووصفها بما يزهد فيها ذوي الهمم ويذكر من له عقل بالآخرة فقال : { الدنيا } أي ما{[55457]} فيها من السعة والرفاهية{[55458]} والنعمة { وزينتها } أي المنافية لما أمرني به{[55459]} ربي {[55460]}من الإعراض{[55461]} عنه واحتقاره من أمرها لأنها أبغض{[55462]} خلقه إليه ، لأنها قاطعة عنه { فتعالين } أصله أن الآمر يكون أعلى من المأمور ، فيدعوه أن يرفع نفسه إليه ثم كثر حتى صار معناه : أقبل ، وهو هنا كناية عن الإخبار والإراداة بعلاقة أن المخبر يدنو إلى من يخبره { أمتعكن } أي بما أحسن به{[55463]} إليكن { وأسرحكن } أي من حبالة عصمتي { سراحاً جميلاً * } أي ليس فيه مضارة ، ولا نوع حقد ولا مقاهرة
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.