تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَدَّقَ عَلَيۡهِمۡ إِبۡلِيسُ ظَنَّهُۥ فَٱتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقٗا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (20)

15

{ ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين } .

المفردات :

صدق عليهم إبليس ظنه : صدق ظن إبليس فيهم أنه يستطيع إغواءهم .

فاتبعوه : في الكفر والضلال والإضلال .

إلا فريقا من المؤمنين : لكن فريقا من المؤمنين لم يتبعوه فخاب ظنه فيهم زاده الله خيبة على يوم القيامة .

التفسير :

تأتي هذه الآية وما بعدها كالتعقيب العام لبيان السنة الإلهية في الإغواء والهداية فالشيطان حين رأى منهم الانهماك في الشهوات والملذات والعدول عن الاعتدال والهدى توقع منهم السير وراءه واتباع إغوائه .

ومعنى الآية : ظن الشيطان أنه إذا أغواهم اتبعوه فكان كما ظن بوسوسته فانقادوا لإغوائه وعبدوا الشمس من دون الله إلا فريقا قليلا من المؤمنين صمدوا أمام وسوسة الشيطان وثبتوا على الإيمان .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَدَّقَ عَلَيۡهِمۡ إِبۡلِيسُ ظَنَّهُۥ فَٱتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقٗا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (20)

ولما كان المعنى : آيات في أن تخالفوا إبليس فلا تصدقوا ظنه في احتناكهم حيث قال :{ لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلاً }{[56757]}[ الإسراء : 62 ] قال مؤكداً لإنكار كل أحد أن يكون صدق ظن إبليس فيه : { ولقد } أي كان في ذلك{[56758]} آيات مانعة من اتباع الشيطان والحال أنه قد { صدق } . ولما كان في استغوائهم غالباً لهم في إركابهم{[56759]} ما تشهد عقولهم بأنه ضلال ، أشار إلى ذلك بأداة الاستعلاء فقال : { عليهم } أي على ذرية{[56760]} آدم عليه السلام .

ولما كان في سياق الإثبات{[56761]} لعظمة الله وما عنده من الخير وما له من التصرف التام الداعي ذلك إلى الإقبال إليه وقصر الهمم عليه ، عبر بقوله تعالى { إبليس } الذي هو من البلس{[56762]} وهو ما لا خير عنده - والإبلاس - وهو اليأس من كل خير - ليكون ذلك أعظم في التبكيت والتوبيخ { ظنه } أي في قوله :

{ لأحتنكن ذريته إلا قليلاً }[ الإسراء : 62 ] { ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك }[ الحجر : 39 ]

{ ولا تجد أكثرهم شاكرين }[ الأعراف : 17 ] فكأنه لما قال ذلك على سبيل الظن تقاضاه ظنه الصدق فصدقه{[56763]} في إعمال الحيلة حتى كان ذلك الظن - هذا على قراءة الجماعة بالتخفيف ، وأما على قراءة الكوفيين بالتشديد{[56764]} فالمعنى أنه جعل ظنه الذي كان يمكن تكذيبه فيه قبل التحقق صادقاً ، بحيث لا يمكن أحداً تكذيبه فيه ، ولذلك سبب {[56765]}سبحانه عنه{[56766]} قوله : { فاتبعوه } أي بغاية الجهد بميل الطبع والاستلذاذ الموجب للنزوع والترامي بعضهم في الكفران وبعضهم في مطلق العصيان .

ولما كان المحدث عنهم جميع الناس ، عرف به الاستثناء المعرف لقلة{[56767]} الناجين فقال : { إلا فريقاً } أي{[56768]} ناساً لهم القدرة على تفريق كلمة أهل الكفر وفض جمعهم وإن كانوا بالنسبة إليهم كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود { من المؤمنين * } أي العريقين في الإيمان ، فكانوا خالصين لله مخلصين في عبادته ، وأما غيرهم فمالوا معه ، وكان منهم المقل ومنهم المكثر بالهفوات والزلات{[56769]} الصغائر والكبائر .


[56757]:سورة 17 آية 62.
[56758]:زيد في الأصل: آية و، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[56759]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أركانهم.
[56760]:زيد في الأصل: بني، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[56761]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الآيات.
[56762]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: اللبس.
[56763]:زيد من ظ وم ومد.
[56764]:راجع نثر المرجان 5/469.
[56765]:من م ومد، وفي الأصل وظ: عنه سبحانه.
[56766]:من م ومد، وفي الأصل وظ: عنه سبحانه.
[56767]:من م ومد، وفي الأصل وظ: المفرغ بقلة.
[56768]:زيد من ظ وم ومد.
[56769]:زيدت الواو في الأصل، ولم تكن في ظ وم ومد فحذفناها.