تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (6)

{ ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد } .

المفردات :

الذين أوتوا العلم : علماء أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه .

هو الحق : القرآن هو الحق الموحى به من الله تعالى .

العزيز : ذو العزة .

الحميد : المحمود .

التفسير :

ليشاهد الذين أوتوا علم التوراة أو الإنجيل من أهل الكتاب أن القرآن الذي أنزله الله عليك هو الحق حيث صدق الرسل والكتب السابقة وأرشد إلى ما فيها من حق وإلى ما طرأ عليها من تحريف وهذا الذي أنزل إليك من ربك هو الوحي وهو القرآن الذي يهدي على الطريق القويم وإلى صراط الله العزيز الغالب المحمود في الأرض وفي السماء .

ويمكن أن يطلق الذين أوتوا العلم على الصحابة والتباعين الذين آمنوا بالله و صدقوا برسوله وتلقوا علوم الإسلام ، كما يمكن أن تشمل أهل الكتاب وعلماء المسلمين أي الذين أوتوا العلم في أي زمان وفي أي مكان ومن أي جبل ومن أي قبيل يرون أن القرآن الكريم كتاب حق مصدق في تشريعاته وأخباره وآدابه وهدايته .

{ ويهدي إلى صراط العزيز الحميد } .

ويرشد إلى الناموس الذي يهيمن على أقدار هذا الكون ويصحح منهج التفكير ويرشد على إقامته على أسس سليمة ، ويعد الفرد للتجاوب والتناسق مع الجامعة البشرية ويعد الجماعة لرعاية الأفراد وللتناسق مع الآخرين فصراط الله هداية للحق وسلوك سليم نظيف وتعاون مع الآخرين واسترشاد بهدى السماء لتقويم المسيرة ونفع العباد والبلاد .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ} (6)

ولما ذم{[56379]} الكفرة ، وعجب منهم في إنكارهم الساعة في قوله : { وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة } و{[56380]} أقام الدليل على إتيانها{[56381]} ، وبين أنه لا يجوز في الحكمة غيره ليحصل العدل والفضل في جزاء أهل الشر وأولي الفضل ، عطف على ذلك مدح{[56382]} المؤمنين فقال واصفاً{[56383]} لهم بالعلم ، إعلاماً بأن الذي أورث الكفرة التكذيب الجهل : { ويرى الذين } معبراً بالرؤية والمضارع إشارة إلى أنهم في علمهم غير شاكين ، بل هم كالشاهدين لكل ما أخبرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم وبالمضارع{[56384]} إلى تجدد علمهم مترقين في رتبه على الدوام مقابلة لجلافة{[56385]} أولئك في ثباتهم على الباطل الذي أشار إليه بالماضي ، وأشار إلى أن علمهم لدني بقوله : { أوتوا العلم } أي قذفه الله في قلوبهم فصاروا مشاهدين لمضامينه لو كشف الغطاء ما ازدادوا يقيناً سواء كانوا ممن أسلم من العرب أو من أهل الكتاب { الذي أنزل إليك } أي كله من أمر الساعة وغيره { من ربك } أي المحسن إليك بإنزاله ، وأتي بضمير الفصل تفخيماً للأمر وتنصيصاً على أن ما بعده مفعول " أوتوا " الثاني فقال{[56386]} : { هو الحق } أي لا غيره من الكلام { ويهدي } أي يجدد على مدى الزمان هداية{[56387]} من اتبعه { إلى صراط } أي طريق واضح واسع .

ولما كانت هذه السورة مكية ، وكان الكفار فيها مستظهرين والمؤمنون قليلين خائفين ، والعرب يذمونهم بمخالفة قومهم ودين آبائهم ونحو ذلك من الخرافات التي حاصلها الاستدلال على الحق المزعوم بالرجال قال : { العزيز الحميد * } أي الذي من سلك طريقه{[56388]} - وهو الإسلام - عز وحمده ربه فحمده كل شيء وإن تمالأ عليه الخلق أجمعون ، فإنه سبحانه لا بد أن يتجلى للفصل بين العباد ، بالإشقاء والإسعاد على قدر الاستعداد .


[56379]:في ظ: ذكر.
[56380]:زيد من ظ وم ومد.
[56381]:من م ومد، وفي الأصل وظ: إثباتها.
[56382]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: مع.
[56383]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: واضعا.
[56384]:زيد من ظ ومد.
[56385]:في ظ ومد: لخلافة، وفي م: جلافة.
[56386]:زيد من ظ ومد.
[56387]:زيد من ظ ومد.
[56388]:في ظ ومد: صرطه.