تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

7

التفسير :

8- { ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير } .

لو أراد الله أن يختار الناس جميعا الإسلام لهداهم إليه ، ولو أراد أن يختاروا جميعا الكفر لما أرسل الرسل ، ولما أنزل الكتب ، لكنه إله عادل ، ولا يعذب الناس إلا بعد إعذار وإنذار : { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } . ( الإسراء : 15 ) .

فلو شاء الله أن يقسر الناس على الهدى لفعل ، ولو شاء أن يتركهم أمة واحدة لفعل ، لكنه سبحانه حكيم عادل ، خلق آدم بالعقل والإرادة ، وجعله أهلا لتحمل المسؤولية ، واستخلف بني آدم في الأرض ، وأعطاهم العقول والإرادة والاختيار ، وأرسل الرسل ، وأنزل الكتب ، وقص على البشرية أخبار المكذبين ، وأنعم الله على المؤمنين ، عندئذ من آمن استحق رحمة الله عن جدارة ، ومن كفر استحق العذاب والعقاب ، ولن يجد أحدا ينصره أو يمنعه من عقاب الله تعالى .

في أعقاب التفسير :

المتأمل في حالة الكون قبل الرسالة الإسلامية يجد أن العالم كانت تسيطر عليه إمبراطوريات أربع ، هي : الرومانية ، والفارسية ، والهندية ، والصينية .

وكانت بلاد العرب أفضل مكان لقيام دين جديد ، فليس فيها ملك يوحد البلاد ، وليس فيها دين له أسس ونظام وهيمنة ، والبلاد تخضع لحكم رؤساء القبائل ، وهناك أديان شتى ومذاهب متعددة ، ولكن بدون قناعة أو يقين .

وقد وقفت مكة موقف المعارضة للدين الإسلامي ، لا عن قناعة بالوثنية أو بعبادة الأصنام ، بل حرصا على تميزها وغناها ، وخوفها من ترك هذا التميز .

قال تعالى : { فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } . ( الأنعام : 33 ) .

ولحكمة أرادها الله ، اختار سبحانه بلاد العرب ، فقد كانت بها بقايا من المروءة وحماية الجار والانتصار للقبيلة ، فمكث الإسلام بمكة حينا ، وانتقل للمدينة المنورة ، ثم تتابعت الغزوات من بدر حتى فتحت مكة ، وشمل الإسلام بلاد العرب في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم امتد إلى فارس والروم ومصر وشمال أفريقيا ، وتقدم إلى سائر المعمورة ، قال تعالى : { الله أعلم حيث يجعل رسالته . . . } ( الأنعام : 124 ) .

وكانت الجزيرة العربية بها أعداد من الشباب والرجال ، يشتاقون إلى فجر جديد ونور جديد ودعوة جديدة ، فدخلوا في الإسلام ، وحملوا رايته ، ورفعوا شأنه ، وكانوا جنودا مخلصين مؤهلين لتقبل رسالة الإسلام ، والتحرك بها إلى جهات متعددة ، يقدمون حياتهم وأموالهم فداء لهذا الدين ، ومن طبيعة الإسلام أنه دين عالمي ينهى عن العصبية ، ويحبذ الأخوة الإسلامية ، وحين دخل الفرس وغيرهم في الإسلام اتسع صدر الإسلام لهم ، وتعلموا اللغة العربية ، وبرزوا في العلوم الإسلامية ، فكان منهم الفقهاء والأدباء والمحدثون والنحاة والبلغاء والشعراء والكتاب .

قال صلى الله عليه وسلم : ( ليست العربية لأحدكم بأب ولا أم ، ولكن العربية اللسان ، فمن تكلم العربية فهو عربي )3 .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَلَٰكِن يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّـٰلِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ} (8)

شرح الكلمات :

{ ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة } : أي على دين الإِسلام وبذلك يكون الجميع في الجنة .

{ ولكن يدخل من يشاء في رحمته } : أي في الإِسلام أولا ثم في الجنة ثانياً .

{ والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير } : أي المشركون ليس لهم من ولي يتولاهم ولا نصير ينصرهم فهم في النار .

المعنى :

وقوله تعالى : { ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة } أي في الدنيا على دين الإِسلام الذي هو دين آدم فنوح فإبراهيم فسائر الأنبياء موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم . إذ هو عبارة عن الإِيمان بالله وبما أمر الله بالإِيمان به ، والانقياد لله ظاهراً وباطنا بفعل محابه تعالى وترك مكارهه ولو كانوا في الدنيا على ملة الإِسلام لكانوا في الآخرة فريقا واحداً وهو فريق الجنة ولكن لم يشأ ذلك لحكم عالية فهو تعالى يدخل من يشاء في رحمته في الدنيا وهي الإِسلام وفي الآخرة هي الجنة ، والظالمون أي المشركون الذي رفضوا التوحيد والإِسلام لله ما لهم من ولي ولا نصير فهم إذا في عذاب السعير .

الهداية :

من الهداية :

- لم يشأ الله أن يجعل الناس أمة واحدة لحكم عالية علمها إليه سبحانه وتعالى .