تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِيهَآ أَنۡهَٰرٞ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٖ وَأَنۡهَٰرٞ مِّن لَّبَنٖ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ خَمۡرٖ لَّذَّةٖ لِّلشَّـٰرِبِينَ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ وَلَهُمۡ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَمَغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡۖ كَمَنۡ هُوَ خَٰلِدٞ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمٗا فَقَطَّعَ أَمۡعَآءَهُمۡ} (15)

صفة نعيم الجنة وعذاب النار

{ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ( 15 ) }

المفردات :

مثل الجنة : الوصف العجيب للجنة وصفتها .

آسن : متغير الطعم والرائحة لطول مكثه .

لم يتغير طعمه : لم تصر فيه حموضة كألبان الدنيا .

لذة : تأنيث لذ ، وهو اللذيذ .

مصفى : خال من الشمع ومن جميع العلائق والمخلفات .

حميما : حارا بالغ الحرارة .

الأمعاء : جمع معي ، وهو ما ينتهي إليه الطعام في البطن .

التفسير :

15- { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ } .

تمهيد :

يصف القرآن نعيم المتقين ، فيذكر أحيانا نعيم الجنة الحسي ، وأحيانا ما هو أعلى وأسمى ، وهو رضوان الله ومودته ومعيته سبحانه ، مثل : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمان ودا } . ( مريم : 96 ) .

والله تعالى عليم بعباده ومشاربهم وأذواقهم وطوائفهم .

وهنا يفصل القرآن نعيم الجنة ، ويشوق المتقين إلى ما فيها ، وكل ما فيها طيب طاهر نظيف ، طازج مشرق : { وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون } . ( الزخرف : 71 ) .

ومعنى الآية :

صفة الجنة التي وعد الله بها عباده المتقين ، الذين راقبوا الله وأطاعوه ، فاستحقوا أن ينالوا جزاءه في الآخرة ، في هذه الجنة ما يأتي :

1- أنهار من ماء طازج لم يداخله كدر ، ولم يتغير لونه أو طعمه .

2- أنهار من لبن سليم طازج لم يتغير طعمه بحموضة أو رائحة كريهة كألبان الدنيا .

3- أنهار من خمر لذيذة الطعم ، ليس فيها كراهية ريح ، ولا غائلة سكر ، ولا يجد شاربها إلا اللذة والمتعة .

4- أنهار من عسل مصفى ، قد صفي من القذى ، وما يكون في عسل الدنيا قبل التصفية ، من الشمع وفضلات النحل وغيرها .

5- { ولهم فيها من كل الثمرات . . . } وأنواع الفاكهة اليانعة ذات الألوان البديعة ، والروائح الذكية ، والطعوم الشهية .

كقوله تعالى : { يدعون فيها بكل فاكهة آمنين } . ( الدخان : 55 ) .

وقال سبحانه : { فيهما من كل فاكهة زوجان } . ( الرحمان : 52 ) .

6- { ومغفرة من ربهم . . . } أي : وقد غفر الله ذنوبهم ، وسترها عليهم ، وأمنهم يوم الفزع الأكبر ، وتجاوز عن السيئات ، وكافأهم على الحسنات بفضله ورحمته .

وبذلك جمع لأهل الجنة بين النعيم الحسي والنعيم المعنوي فيما يأتي :

1- الماء : وبدأ به لأنه لا يستغنى عنه في الدنيا .

2- اللبن : وهو يجري مجرى الطعوم لكثير من العرب في غالب أوقاتهم ، فهو حاجة من حاجات الجسم .

3- الخمر : وهي لذة ونعيم لمن استوفى الضروريات والحاجيات ، واحتاج إلى اللذائذ والكماليات .

4- العسل : وفيه الشفاء والحلاوة .

5- المغفرة والستر والرحمة ، والتجاوز والحنان والفضل من الله .

ثم قارن بين نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار ، فقال :

{ كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم } .

أي : أيستوي النعيم الحسي والمعنوي لأصحاب الجنة بعذاب أهل النار ، وخلودهم في الجحيم خلودا أبديا سرمديا ، ثم يكلفون بشرب ماء الحميم الذي يغلي غليانا شديدا ، ويشوي وجوههم وفروة رؤوسهم ، وفيه مع حرارته ما يقطع الأمعاء ويذيبها لتنزل من أدبارهم .

اللهم إنا نعوذ بك من عذاب أهل النار ، اللهم أجرنا من النار ، ومن عذاب النار ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار ، بفضلك وكرمك يا عزيز يا غفار ، اللهم آمين .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِيهَآ أَنۡهَٰرٞ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٖ وَأَنۡهَٰرٞ مِّن لَّبَنٖ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ خَمۡرٖ لَّذَّةٖ لِّلشَّـٰرِبِينَ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ وَلَهُمۡ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَمَغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡۖ كَمَنۡ هُوَ خَٰلِدٞ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمٗا فَقَطَّعَ أَمۡعَآءَهُمۡ} (15)

شرح الكلمات :

{ مثل الجنة التي وعد المتقون } : أي صفة الجنة دار السلام التي وعد الله بها عباده المتقين له .

{ من ماء غير آسن } : أي غير متغيّر الريح والطعم لطول مكثه .

{ وأنهار من عسل مصفى } : أي من الشمع وفضلات النحل .

{ وسقوا ماء حميما } : أي حاراً شديد الحرارة .

{ فقطع أمعاءهم } : أي مصارينهم فخرجت من أدبارهم .

المعنى :

قوله تعالى { مثل الجنة التي وعد المتقون } هذه الآية الكريم تضمنت شرحا وافيا لأنهار الجنة ، وشراب أهل النار ، كما اشتملت على مقارنة بين حال أهل الإِيمان والتقوى وما وعدوا به من مغفرة ذنوبهم وإدخالهم الجنة ، وبين حال أهل النار وهم خالدون فيها وما وعدوا فيها من ألوان العذاب الشديد فقوله تعالى { مثل الجنة } أي صفتها الممثلة لها الشارحة لحالها التي وُعد المتقون أي ا لتي وعد الله تعالى بها عباده المتقين له وهم أوليائه الذين عبدوه ووحدوه فأطاعوه في الأمر والنهي فاتقوا بذلك الشرك والمعاصي . فيها أنهار من ماء غير آسن أي غير متغير الطعم ولا الريح بطول المكث وأنهار من لبن لم يتغير طعمه أي بحموضة ولم يصر قارصا ولذلك لم يتغير ريحه أيضا وأنهار من خمرة لذة للشاربين أي وفيها أنهار من خبر هي لذة لمن يشربها وسبب لذاذتها أنها غير كدرة ولا مسكرة ولا ريح غير طيبة لها ، وأنهار من عسل مصفى أي وفيها أنهار من عسل مصفى أي من الشمع وفضلات النحل وقوله فيها من كل الثمرات أي من سائر أنواع الثمار من فواكه وغيرها . ومع ذلك مغفرة من ربهم لسائر ذنوبهم فهل يستوي من هذه حالهم بحال من هو خالد في النار لا يخرج منها وسقوا ماء حميما حارا شديد الحرارة فلما سقوه وشربوه قطع أمعاءهم أي مصارينهم فخرجت من أدبارهم والعياذ بالله من النار وحال أهل النار اللهم أجرنا من النار اللهم أجرنا من النار اللهم أجرنا من النار .

الهداية :

من الهداية :

- التقوى هي السب المورث للجنة هكذا جعلها الله عز وجل ، والتقوى هي بعد الإِيمان فعل المأمورات وترك المنهيات من سائر أنواع الشرك والمعاصي .

- بيان بعض نعيم الجنة من الشراب والفواكه .

- بين بعض عذاب النار وهو الخلود فيها وشرب الحميم .

- تقرير البعث والجزاء ، وأن لا مماثلة بين أهل السعادة وأهل الشقاء .