بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِيهَآ أَنۡهَٰرٞ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٖ وَأَنۡهَٰرٞ مِّن لَّبَنٖ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ خَمۡرٖ لَّذَّةٖ لِّلشَّـٰرِبِينَ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ وَلَهُمۡ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَمَغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡۖ كَمَنۡ هُوَ خَٰلِدٞ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمٗا فَقَطَّعَ أَمۡعَآءَهُمۡ} (15)

قوله تعالى : { مَّثَلُ الجنة } يعني : صفة الجنة { التي وُعِدَ المتقون } الذين يتقون الشرك ، والفواحش ، { فِيهَا أَنْهَارٌ مّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ } قرأ ابن كثير : { مّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ } بغير مد . والباقون : بالمد ، ومعناهما واحد . يعني : ماء غير منتن ، ولا متغير الطعم والريح . { وَأَنْهَارٌ مّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ } إلى الحموضة كما يتغير لبن أهل الدنيا من الحالة الأولى . { وأنهار مّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ للشاربين } يعني : لذيذة . ويقال : { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } [ الواقعة : 19 ] . { وأنهار مّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى } ليس فيها العكر ، ولا الكدرة ، ولا الدردي ، كعسل أهل الدنيا . قال مقاتل : هذه الأنهار الأربعة تتفجر من الكوثر ، إلى أهل الجنة . ويقال : من تحت شجرة طوبى إلى أهل الجنة .

{ وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلّ الثمرات } يعني : من ألوان الثمرات { وَمَغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ } لذنوبهم في الآخرة . ويقال : في الدنيا . { كَمَنْ هُوَ خالد في النار } يعني : هل يكون حال من هو في هذه النعم ، كمن هو في النار أبداً . { وَسُقُواْ مَاء حَمِيماً } أي : حاراً قد انتهى حره { فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ } من شدة الحر ، فذابت أمعاؤهم ، كقوله تعالى : { يُصْهَرُ بِهِ مَا في بُطُونِهِمْ والجلود } [ الحج : 20 ] .