الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِيهَآ أَنۡهَٰرٞ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٖ وَأَنۡهَٰرٞ مِّن لَّبَنٖ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ خَمۡرٖ لَّذَّةٖ لِّلشَّـٰرِبِينَ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ وَلَهُمۡ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَمَغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡۖ كَمَنۡ هُوَ خَٰلِدٞ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمٗا فَقَطَّعَ أَمۡعَآءَهُمۡ} (15)

{ مَّثَلُ } شبه وصفة { الْجَنَّةِ الَّتِي } وقرأ علي بن أبي طالب أمثال الجنّة التي { وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ } آجن متغيّر منتن ، يقال : آسن الماء يأسن ، وآجن يأجن ، وأسن يأسن ويأُسن ، وأجن يأجن ، ويأُجن ، أُسونا ، وأُجوناً ، إذا تغيّر ، ويقال : أسِنَ الرجل : بكسر السين لا غير ، إذا أصابته ريح منتنة ، فغشى عليه قال زهير :

يغادر القرنُ مصفراً أنامله *** يميد في الرمح ميل المائح الأسن

وقرأ العامّة آسن بالمد ، وقرأ ابن كثير بالقصر وهما لغتان .

{ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } لم تدنسها الأيدي ، ولم تدنسها الأرجل ، ونظير لذّ ولذيذ ، طب وطبيب . { وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى } قال كعب الأحبار : نهر دجلة نهر ماء الجنّة ، ونهر الفرات نهر لبنهم ، ونهر مصر نهر خمرهم ، ونهر سيحان نهر عسلهم ، وهذه الأنهار الأربعة تخرج من نهر الكوثر .

{ وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ } يعني المتّقين الّذين هم أهل الجنّة ، كمن هو خالد في النّار ، فاستغنى بدلالة للكلام عليه ، وقال ابن كيسان : مَثَلُ الجنّة التي فيها هذه الأنهار ، والثمار ، كمَثَلُ النّار التي فيها الحميم ، ومَثَلُ أهل الجنّة في النعيم المقيم ، كمثل أهل النّار في العذاب الأليم .

{ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ } إذا أُدنِي منهم شوى وجوههم ، ووقعت فروة رؤوسهم ، فإذا شربوه قطّع .

{ أَمْعَآءَهُمْ }