فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِيهَآ أَنۡهَٰرٞ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٖ وَأَنۡهَٰرٞ مِّن لَّبَنٖ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ خَمۡرٖ لَّذَّةٖ لِّلشَّـٰرِبِينَ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ وَلَهُمۡ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَمَغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡۖ كَمَنۡ هُوَ خَٰلِدٞ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمٗا فَقَطَّعَ أَمۡعَآءَهُمۡ} (15)

{ مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم } .

حال الجنة التي وعد الله المتقين وأعدها لهم وصفتها : فيها أنهار من ماء عذب المذاق لا يتغير لونه ولا طعمه ولا ريحه ، وفيها أنهار من لبن لم يحمض ، وأنهار من خمر لا تصدع ولا تغتال العقل ولا البدن ، وأنهار من عسل لم تشبه شوائب ، ولا تنقصهم من الفواكه فاكهة ولا من الثمرات ثمرة ، وفوق ذلك كله يتجاوز المولى البرّ الرحيم عما يكون قد صدر عنهم من زلات وسيئات فيصفح ويستر .

[ وقوله { . . ومغفرة من ربهم } إن قُدِّر : لهم مغفرة من الله قبل ذلك فلا إشكال ؛ وإن قُدِّر : لهم فيها مغفرة ، أمكن أن يقال : إنهم مغفورون قبل دخول الجنة ، فما معنى الغفران بعد ذلك ؟ والجواب : أن المراد رفع التكليف ، يأكلون من غير حساب ولا تبعة ولا آفة ، بخلاف الدنيا فإن حلالها حساب وحرامها عذاب ]{[4830]} .

[ { ومغفرة } مبتدأ خبره محذوف ، والجملة عطف على الجملة السابقة . . أو جعل المغفرة عبارة عن أثرها وهو النعيم ، أو مجاز عن رضوان الله عز وجل ، وقد يقال : المراد بالمغفرة هنا : ستر ذنوبهم وعدم ذكرها لهم لئلا يستحيوا فتنغص لذتهم ؛ والمغفرة السابقة : ستر الذنوب وعدم المؤاخذة بها . . ولعله أولى مما قالوه . ]{[4831]} .

{ كمن هو خالد في النار وسقوا ماءا حميما فقطع أمعاءهم( 15 ) } .

أمثال أصحاب الجنة كمثل أصحاب النار المخلدين فيها ؟ وسقوا ماء شديد الحرارة فقطع أحشاءهم وما تحوي بطونهم . [ أمن هو في هذه الجنة التي صفتها ما وصفنا كمن هو خالد في النار ؟ ]{[4832]} .


[4830]:أورده صاحب تفسير غرائب القرآن.
[4831]:أورد هذا صاحب روح المعاني.
[4832]:مما جاء في جامع البيان.