الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِيهَآ أَنۡهَٰرٞ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٖ وَأَنۡهَٰرٞ مِّن لَّبَنٖ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ خَمۡرٖ لَّذَّةٖ لِّلشَّـٰرِبِينَ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ وَلَهُمۡ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَمَغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡۖ كَمَنۡ هُوَ خَٰلِدٞ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمٗا فَقَطَّعَ أَمۡعَآءَهُمۡ} (15)

وقوله سبحانه : { مَّثَلُ الجنة } الآية ، قال النَّضْرُ بن شُمَيْلٍ وغيره { مَثَلُ } معناه : صفةٌ ؛ كأَنَّهُ قال : صفة الجنة : ما تسمَعُونَ فيها كذا وكذا .

وقوله : { فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ } معناه : غيرُ مُتَغَيِّرٍ ؛ قاله ابن عباس وقتادة ، وسواءٌ أنتن أو لم يُنْتِنْ .

وقوله في اللبن : { لبن لَّمْ يَتَغَيَّرْ } : نَفْيٌ لجميعِ وجوهِ الفَسَادِ فيه .

وقوله : { لَذَّةٍ للشاربين } جمعتْ طِيبَ الطَّعْمِ وَزَوالَ الآفاتِ من الصُّدَاعِ وغيره ، وتصفيةُ العَسَلِ مُذْهِبَةٌ لمومه وَضَرَره .

( ت ) : ورُوِّينَا في كتاب التِّرْمِذِيِّ عن حَكِيمِ بن مُعَاوِيَةَ عنِ أبيه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : «إنَّ في الجَنَّةِ بَحْرَ المَاءِ ، وَبَحْرَ الْعَسَلِ ، وَبَحْرَ اللَّبَنِ ، وَبَحْرَ الخَمْرِ ، ثُمَّ تَشَقَّقُ الأَنْهَارُ بَعْدُ » قال أبو عيسى : هذا حديث حسنٌ صحيحٌ ، انتهى .

وقوله : { وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثمرات } أي : من هذه الأنواع لكنها بعيدة الشبه ؛ تلك لا عَيْبَ فيها ولا تَعَبَ .

وقوله : { وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ } معناه : وتنعيمٌ أعطته المغفرةُ وَسَّبَّبَتْهُ ، وإلاَّ فالمغفرة إنَّما هي قبل دخول الجَنَّةِ .

وقوله سبحانه : { كَمَنْ هُوَ خالد فِي النار } الآية ، قبله محذوفٌ ، تقديره : أَسُكَّانُ هذه ، أو تقديره : أهؤلاءِ المتقون { كَمَنْ هو خالد في النار } .