جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِيهَآ أَنۡهَٰرٞ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٖ وَأَنۡهَٰرٞ مِّن لَّبَنٖ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ خَمۡرٖ لَّذَّةٖ لِّلشَّـٰرِبِينَ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ وَلَهُمۡ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَمَغۡفِرَةٞ مِّن رَّبِّهِمۡۖ كَمَنۡ هُوَ خَٰلِدٞ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيمٗا فَقَطَّعَ أَمۡعَآءَهُمۡ} (15)

{ مثل{[4624]} الجنة التي وعد المتقون } أي : وعدها ، { فيها أنهار من ماء غير آسن } : غير متغير طعمه ولا ريحه ، { وأنهار من لبن لم يتغير طعمه } : لم يصر حامضا ولا قارصا ، { وأنهار من خمر لذة للشاربين } : طيبة الطعم والرائحة لا فيها غول ، وهي تأنيث لذ ، وهو اللذيذ أو مصدر وصف به للمبالغة ، { وأنهار من عسل مصفى{[4625]} } : من الشمع الوسخ ، { ولهم فيها من كل الثمرات } أي : بعضه ، { ومغفرة } ، عطف على معنى من كل الثمرات ، { من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم } : من شدة الحرارة ، واعلم أن " مثل الجنة " مبتدأ خبره " كمن هو خالد " بتقدير في الخبر والمبتدأ على حاله أي : كمثل جزاء من هو خالد أو في المبتدأ ، أو الخبر على حاله أي : مثل أهل الجنة كمن هو خالد وقوله " فيها أنهار " إما صلة لا بعد صلة ، أو استئناف ، أو مثل مبتدأ ، وفيه أنهار خبره من غير احتياج بتقدير أي : صفتها هذه ، أو مبتدأ خبره محذوف أي : فيما قصصنا عليكم مثل الجنة ثم أخذ يبين ، وعلى هذين الوجهين كمن هو خالد خبر محذوف أي : المنفي الذي له تلك الجنة كمن هو خالد ، والقرينة وعد المتقون ،


[4624]:ولما بين سبحانه الفرق بين الفريقين في الاهتداء والضلال بين الفرق بين مرجعهما ومآلهما، فقال:{مثل الجنة التي وعد المتقون}الآية/12 فتح.
[4625]:عن معاوية بن حيدة قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول:" في الجنة بحر اللبن، وبحر الماء، وبحر العسل، وبحر الخمر لم تشقق الأنهار منها بعد" أخرجه أحمد، والترمذي وصححه، وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في البعث [صحيح، انظر صحيح الجامع (2122)]/12 فتح.